عرفته شجاعا مقداما، مهنيا من الطراز الرفيع ، مصورا تلفزيونيا متمكنا و هادئا ... إنه المغفور له الأستاذ صالح هادي مطبق ، من خيرة إعلاميي محافظة حضرموت . إذ يعتبر بحق في تلك الفترة الزمنية الوحيد الحاصل على شهادة الماجستر في التصوير التلفزيوني من جامعة كييف في الاتحاد السوفياتي سابقا
رافقني صحبة مهندس الصوت أسامة عمر جابر في تغطية و تصوير المواقع الامامية من الجبهة الشرقية الساحلية إلى حدود انهيار المقاومة الجنوبية في الخامس من يوليوز ١٩٩٤ ، حيث غادرت المكلا صوب دبي ، و عاد الى مدينة المكلا ، و ليتأكد بفعل الملموس أن الجنوب بأكمله تم احتلاله من قبل القوات الشمالية ظهر يوم ٧ يوليوز حينما قال المذيع سالم علي الشاحت و هو يذيع الاخبار : هنا المكلا إذاعة الجمهورية اليمنية.... و في هاته اللحظة بالذات يدأت تدريجيا معانات الاستاذ صالح ، حيث تم إقصاؤه من مزاولة عمله كأحد الكوادر الاساسية في تلفزيون المكلا، و مدير وحدة الإنتاج و ظل يتحمل تبعات ذلك الاقصاء التعسفي لسنوات
واقع و مصير الاستاذ صالح لا يعدو ان يكون إلا نموذجا حيا لمعانات الاعلاميين الجنوبيين الذين عبروا عن رفضهم للاجتياح العسكري الشمالي للمحافظات الجنوبية، و انتقدوا فرض الوحدة بالقوة، و ممارسة القمع و الاذلال على من يتجرأ على رفض الامر الواقع
وًفي هذا الصدد تجدر الاشارة إلى أن الغالبية من الاعلاميين في مجالي السمعي البصري أو الصحافة المكتوبة تعرضوا بعد اجتياح الجنوب لاجراءات تعسفية استثنائية ، فقد تم ايقاف عدد كبير منهم عن العمل.و أخص بالذكر منهم الدكتور محمد عبد الهادي و الاستاذ صالح هادي مطبق وًالاساتذة علوي علي صالح و محمد عبد القادر العرجي و محمد علي احمد و رضية سلطان و سليم احمد صالح ، و غيرهم ،و لم يتم ترتيب أوضاعهم أو عودتهم إلى مؤسساتهم منذ ذلك التاريخ.
وفي يوليوز ٢٠٠١ عاد معظم الاعلاميين من القاهرة الى جنوب اليمن بعد توقيع اتفاقية الحدود بين اليمن و السعودية غير أن دار لقمان ظلت على حالها بالنسبة للاستاذ صالح هادي مطبق و اخرين.
صمد في صمت ، إلى أن تراجعت صحته بشكل واضح مما حدا باهله إلى إرساله إلى القاهرة للعلاج صحبة ابنه البار سالم الذي دإبت على التواصل معه من الرباط إلى أن ابلغني بوفاة رفيقي وأخي صالح في احدى المستشفيات المصرية و بالتالي تم دفنه في مسقط رأسه سيؤون.
لم يتوقف تواصلي مع المرحوم صالح منذ مغادرتي المكلا وأثناء مرضه و بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى ظل تواصلي مع عائلة الفقيد من خلال ابنه سالم ألى حدود بداية السنة الميلادية الحالية حيث زرت عدن والمكلا وقمت بواجب العزاء فقابلت السيدة الفاضلة أرملة الفقيد و جميع أفراد عائلته.
رحمة الله أخي الطيب صالح برحمته الواسعة
لا ولن أنساك ما دمت حيا
الرباط في 16 شتمبر 2024
المحرر *توفيق جوزوليت أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط واعلامي موفد قناة MBC في حرب 1994 على الجنوب
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news