سرير “بروكرست” أسطورة يونانية، تتحدث عن رجل حدّاد، كان يدعو الناس للمبيت عنده، ثم يضعهم على سرير في بيته، فمن زاد طوله عن السرير، يقوم ببترَ الزائد منه، إما راسه أو قدميه، ومن كان أقصر، يمدّد أطرافه حتى تتمزق، وكان يفعل ذلك بهم لأنهم لايتناسبون ومقاس السرير الذي صنعه.. الشخص الوحيد الذي ينجو منه، هو الذي يناسب مقاس جسمه مع مقاس السرير دون زيادة أو نقصان!!.
والحقيقة، هذه القصة ليست أسطورة فقط، بل واقع الكثير منا للأسف؛ فنحن لدينا في أذهاننا سرير بروكرست، لاننا -غالباً – لا نقبل أي شخص كما هو، بل نبادر إلى حشره في صورة نصنعها له، و نتخلص مما لا يوافقها، لذا يجب علينا أن نفكر جيداً، ونقذف بهذا السرير خارج أذهاننا، وأن نتفهم أن للناس مقاسات ورؤى مختلفة، وأن لا نحشرهم في إطار محدد مسبق الصنع، نصنعه لهم ثم نلومهم إذا خالفوه، أو خرجوا عنه !!.
وهذه الحالة مايطلق عليها ثقافة القوالب الجاهزة، وهي عبارة عن مجموعة من الأفكار والتصورات المسبقة عن قضايا واحداث في الحياة المتغيرة سوى كانت: أحداث وقضايا فكرية أو سياسية أو فكرية أو فنية وأدبية أو ذوقية..الخ..!!.
أو بالمعنى البلدي والمحلي (حبتي وإلا الديك)، وهي تعبير مكثف عن رفض الفكرة والرأي المختلف الذي لايتناسب وتصوراتي وافكاري وقناعاتي تجاه قضايا الحياة التي هي ذات طبيعة (متغيرة) في الزمان والمكان… إن سرير بروكست يشير إلى رفض التنوع والتعدد. المنضبط بقواعد إخلاقية وبمشتركات انسانية وعقائدية لاتلحق الضرر بأي أمة… فالتنوع والتعدد والاختلاف الايجابي (وليس الخلاف) الذي يؤدي إلى تكامل الافكار هو مشيئة الله في مخلوقاته:﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ [ هود: 118].
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news