مقاصد الدين

     
يمن مونيتور             عدد المشاهدات : 264 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
مقاصد الدين

العلاقة بين مقاصد الدين ومقاصد الشريعة هي علاقة عموم وخصوص، وبيان ذلك كالتالي:

الأولى: الشريعة جزء من الدين لا الدين كله، لأن الدين يشمل العقيدة والشعائر والشريعة، بينما الشريعة هي الجزء الخاص بالأحكام والتشريعات والضوابط التي تنظم حياة الناس في عالم الشهادة، وترشد الناس لما يصلح معاملاتهم وسلوكهم اليومي.

وبالتالي فإن مقاصد الدين أوسع من مقاصد الشريعة، كونها تشمل مقاصد العبادات والعقائد والقيم والتشريعات، وبها تتجلى الغايات التي جاء بها الرسل ونزلت بها الكتب، وبمعرفتها يكون المؤمن على بينة من تفاصيل الدين وجزئياته إن ظلت تلك الأهداف والغايات حاضرة في ذهنه على الدوام، وإذا غابت تناقض واضطرب، وفقد البوصلة التي ترشده نحو المسارات الصحيحة. أما مقاصد الشريعة فهي تعني أهداف التشريع وغاية القوانين المنظمة لحياة الناس.

الثانية: المدخل لدراسة مقاصد الدين يختلف عن مدخل دراسة مقاصد الشريعة، فمقاصد الدين مدخلها الآيات التي جاءت معللة مقصد وهدف إرسال الرسل وإنزال الكتب، والآيات التي جاءت معللة مقصد وهدف إرسال نبينا عليه السلام، وإنزال القرآن، أما مقاصد الشريعة فمدخلها استقراء الأحكام القطعية التفصيلية بهدف الوصول إلى كليات جامعة متسقة مع مقاصد الدين، ومع عالمية الرسالة.

أما مقاصد الدين فباستقراء الآيات القرآنية والنظر في الآيات المعللة التي تشير إلى المقاصد والغايات نجد أنها تذكر المقاصد الآتية:

الأول: القسط هو المقصد من إنزال الكتب وإرسال الرسل، يقول تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحديد:٢٥]، هذه آية واضحة تقول ببساطة إن هدف إرسال الرسل وإنزال الكتب هو إقامة “القسط”، والقسط هو العدل، ومن فرق بينهما قال: إن العدل لفظ يحمل مفهوم المساواة، والقسط يعني النصيب العادل، والقسط ضده الجور، والعدل ضده الظلم.

الثاني: الرحمة هي المقصد من رسالة نبينا عليه السلام، يقول تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء:١٠٧]، وهذه الآية واضحة في أن “الرحمة” للعالمين هي هدف رسالة نبينا عليه السلام، وهي رحمة للعالمين لا للإنسان فقط.

الثالث: التزكية، يقول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [الجمعة:2]. فإنها توضح أن هدفه هو تزكية الناس وتعليمهم الكتاب والحكمة.

الرابع: طمأنينة الإنسان هي المقصد من نزول القرآن، قال تعالى: ﴿طه* مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى* إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى﴾ [طه: ١-3]، فالآية تؤكد أن الله لم ينزل القرآن لشقاء الإنسان؛ وإنما هو تذكرة وموعظة للإنسان كي تطمئن روحه في الدنيا والآخرة.

الخامس: التوحيد من أهم مقاصد إرسال الرسل، يقول تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء:25]. وقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾ [النحل:٣٦]، فهدف بعثة كل نبي هو تحقيق التوحيد والعبودية لله سبحانه، والتوحيد في خلاصته هو تحرير الإنسان عن عبودية ما سوى الله.

السادس: العبادة هي مقصد خلق الجن والإنس، يقول تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:٥٦]، فالعبودية لله مقصد من مقاصد الخلق.

السابع: الابتلاء هو مقصد الحياة والموت، يقول تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك:٢]؛ فالاختبار بحسن العمل مقصد من مقاصد الخلق.

الثامن: الاستعمار للأرض من مقاصد خلق الإنسان في الأرض، يقول تعالى: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود:٦١]، فاستعمار الأرض، أي عمارتها، مقصد من مقاصد الخلق، وعمارتها تكون بقيم الحق والخير والجمال.

التاسع: حرية الاختيار، وهو مقصد مرتبط بالابتلاء وعمارة الأرض، إذ لن يكون ابتلاء حقيقي للإنسان إلا إذا مُنح حرية الاختيار، لأن الإكراه يسقط عنه المسؤولية، فحريته هي التي تمنحه المسؤولية في الآخرة، وعبادة الله طوعاً لا كرهاً لا تتحقق إلا بالحرية، ولهذا كانت الحرية هي الأمانة التي تحملها الإنسان وأشفقت بقية المخلوقات من حملها، لما فيها من مسؤولية في الآخرة، يقول تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ [الأحزاب:٧٢].

ومنع الله سبحانه الإكراهَ على الإنسان من أي جهة كانت حتى لو كانت من الأنبياء والرسل، ولا يُكره إنسانٌ على أي فكرة كانت حتى لو كان الدين نفسه ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ البقرة:٢٥٦. ومن يمنع عن الإنسان حريته فهو يقف أمام الأمانة العظمى التي حملها الله سبحانه للإنسان، ويقطع طريق الاختبار للإنسان، ويقف بذلك ضد مقصد الدين من خلق الإنسان.

فهذه أهم مقاصد الدين العامة التي ذكرتها الآيات، ويمكن أن نوزعها على أصول الإسلام الثلاثة، العقيدة والشعائر والشريعة، فتكون كالتالي:

مقاصد العقائد: التوحيد والعبودية.

مقاصد الشعائر: التزكية والتقوى.

مقاصد الشريعة: القسط والرحمة.

ومن تحقق بتلك المقاصد فقد حقق مقصد عمارة الأرض، ونجح في مقصد الابتلاء بحسن العمل، وحقق مقصد الطمأنينة والانسجام مع الكون.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

غارات جوية تستهدف صعدة

كريتر سكاي | 709 قراءة 

نتنياهو يتوعد: سنزيل تهديد حزب الله والحوثيين مهما كان الثمن

حشد نت | 700 قراءة 

الحو/ثي يلوّح بضرب مطار عدن ويتوعد السعودية والإمارات بـإرجاعهما إلى “حياة الخيمة والإبل”

سما نيوز | 687 قراءة 

المجلس الإنتقالي في اليمن شارك بقوات عسكرية إلى جانب الدعم السريع في معارك الفاشر بالسودان

موقع الجنوب اليمني | 429 قراءة 

نتنياهو يتوعد الحوثيين مجدداً .. ماذا قال اليوم ؟

موقع الأول | 393 قراءة 

عاجل: غارات جوية على صعدة وتكثيف حوثي لتحشيد المهاجرين الأفارقة قرب الحدود السعودية

المشهد اليمني | 368 قراءة 

مسلحين يعتدون على نساء بعد رفضهن هذا الأمر

كريتر سكاي | 359 قراءة 

ردا على الهجوم الحو ثي..مطار عدن: "لن يكون ممراً للسلاح أو الكبتاجون"

كريتر سكاي | 353 قراءة 

تحرير سعر الدولار الجمركي واعتماد خطة الإصلاحات الاقتصادية.. تحركات تعيد رسم المشهد المالي في اليمن

عدن تايم | 311 قراءة 

الزنداني والزياني يبحثان تعزيز العلاقات الثنائية وتنسيق الجهود لحماية الملاحة في البحر الأحمر

حشد نت | 298 قراءة