في تطور يكشف عن الصراع الداخلي المتصاعد داخل صفوف جماعة الحوثي في العاصمة اليمنية صنعاء، أفادت مصادر مطلعة بأن قيادياً حوثياً بارزاً منع أحمد الرهوي، الذي عين مؤخراً كرئيس للحكومة الجديدة التي شكلتها الجماعة، من اختيار مدير مكتبه الخاص، وأجبره على قبول شخص آخر لهذا المنصب.
هذه الحادثة، التي تؤكد على السيطرة المطلقة للقيادة الحوثية العليا على مؤسسات الدولة، تأتي في سياق سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى تقييد صلاحيات الرهوي، وتحويله إلى واجهة شكلية تُمكن القيادة من تمرير أجنداتها.
وفقاً للمصادر، فإن الرهوي كان قد توجه إلى مقر رئاسة الحكومة بصحبة ربيع المهدي، الذي شغل سابقاً منصب محافظ محافظة أبين تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وذلك بنية تعيينه مديراً لمكتبه في الحكومة الجديدة.
إلا أن القيادي الحوثي محمد قاسم الكبسي، الذي كان يشغل منصب الأمين العام لمجلس الوزراء في حكومة الانقلاب، حال دون ذلك، رافضاً السماح للمهدي بالدخول إلى المكتب.
وأوضح الكبسي، المكنى "أبو راغب"، أن اختيار مدير مكتب رئيس الحكومة ليس من صلاحيات الرهوي، وأجبره على القبول به بدلاً من المهدي.
رغم احتجاج الرهوي ومخاطبته للمجلس السياسي الأعلى للجماعة، الذي يرأسه مهدي المشاط، إلا أن المجلس تجاهل اعتراضه وأصدر قراراً بتعيين الكبسي في المنصب.
وبهذا القرار، أصبح من المتوقع أن يتولى الكبسي الصلاحيات الفعلية لرئاسة الحكومة، بينما يستخدم اسم الرهوي لتمرير القرارات التي تصب في صالح الجماعة وأجنحتها المختلفة.
يأتي هذا الحادث في سياق تشكيل الحكومة الحوثية الجديدة، التي أثارت جدلاً واسعاً بشأن توزيع الصلاحيات والمحاصصة بين أجنحة الجماعة المختلفة. فالحكومة الجديدة تكرر نمط توزيع السلطة الذي كان سائداً في الحكومة السابقة، حيث يتم توزيع المناصب بناءً على الولاءات الداخلية والمصالح الشخصية، دون اعتبار للكفاءة أو الخبرة. ومن أمثلة ذلك، إقصاء هشام شرف، القيادي في حزب "المؤتمر الشعبي العام"، من منصب وزير الخارجية، وتعيين شخصية إعلامية موالية للجماعة بدلاً منه، رغم افتقاره للخبرة الدبلوماسية.
ويرى مراقبون أن هذا التحول يعكس استراتيجية الحوثيين لتهميش شركائهم السياسيين السابقين واستبعادهم من مواقع القرار، تمهيداً لتعزيز سيطرة الجناح الأكثر ولاءً للقيادة الحوثية.
ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة المزيد من الصراعات الداخلية بين أجنحة الجماعة، خصوصاً مع تعزيز نفوذ القيادي الكبسي، الذي يعد أحد أخطر الشخصيات داخل الجماعة.
الجدير بالذكر أن محمد قاسم الكبسي، نجل القائد العقائدي المؤسس للجماعة قاسم الكبسي، يعتبر من المقربين من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وهو ما يعزز من نفوذ العائلات المرتبطة بالقيادة العليا للجماعة.
ويطالب جناح الكبسي بامتيازات كبيرة نظير ما قدموه من تضحيات في صفوف الجماعة، وهو ما يعكس الطابع العائلي والقبلي الذي يسيطر على توزيع السلطة داخل الجماعة الحوثية.
وفي سياق متصل، تفيد تقارير بأن اجتماعات الحكومة الحوثية والوزارات التابعة لها تبدأ بإلزام الوزراء ونوابهم بالاستماع إلى مقولات علي بن أبي طالب ومالك الأشتر النخعي، في إشارة واضحة إلى المرجعية الطائفية التي تستند إليها الجماعة في تعزيز سلطتها وهيمنتها على مؤسسات الدولة.
بهذه الإجراءات، يظهر أن جماعة الحوثي تسعى بشكل متزايد إلى تكريس سلطتها المطلقة داخل مناطق سيطرتها، مستخدمة في ذلك أدوات الترهيب والولاءات الشخصية لضمان استمرارية نفوذها، مما ينذر بمزيد من التوترات والصراعات الداخلية التي قد تعصف بالجماعة في المستقبل القريب.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news