غموض يلف محاكمة المتهم الرئيس في سرقة القرن بعد حادث سير ببيروت

كان يمكن أن يمر خبر تعرّض رجل الأعمال العراقي نور زهير لحادث سير في منطقة الحدت- بيروت عاديا، ولكن المفارقة أن الحادث وقع قبل أيام من الزامية مثوله امام المحكمة الجنائية المركزية في بغداد لمحاكمته الثلاثاء المقبل في ما بات يعرف بـ"سرقة القرن"، وهو المتهم الأول والرئيسي فيها أثناء توليه الأمانات الضريبية في العراق.

فقد تحدثت تقارير إعلامية عن تعرض زهير الذي يوصف بالصندوق الأسود لتلك القضية المعقدة، لحادث سير خطير في منطقة الحدث – بيروت كاد يودي بحياته، ونُقل إلى مستشفى السان تريز الجامعي حيث تلقى الإسعافات الأولية قبل أن يغادر المستشفى على الفور دون فتح أي تحقيق بالحادث.

وذكرت التقارير أن "الفحوصات الطبية أظهرت تعرض زهير لإصابة بالغة في العمود الفقري والعنق والقفص الصدري، بالإضافة إلى رضوض متعددة في الجسم والرأس والساقين"، من جرّاءِ الحادث.

لكن من خلال ما تم عرضه من صور لزهير، ظهر جليا أن إصابته طفيفة وقد تكون مركبة بما يكذّب الادعاء عن تعرضه لإصابات بليغة، لا سيما أن المعلومات تؤكد سفره بعد الحادث مباشرة إلى جهة مجهولة.

وشككت وسائل إعلام عراقية بصدقية الحادث وقالت إن "شكوكا أثيرت في الأوساط العراقية خلال الساعات القليلة الماضية حول حقيقة الحادث الذي تعرض له زهير في لبنان، في وقت من المفترض أن يتواجد في العراق قبيل أيام من محاكمته المقررة في 27 أغسطس الجاري".

وتم تداول مقطع فيديو لأحد الصحافيين العراقيين في لبنان وهو يتحدث عن أن "الحادث مفتعل وأن زهير اتفق مع أحد المستشفيات في لبنان على هذه القصة"، مشيرا إلى أنه سافر مباشرة عقب انتشار خبر الحادث من دون معرفة وجهته.

وذكرت صحيفة النهار اللبنانية أن المخابرات العراقيّة أجرت تواصلا منتصف ليل الجمعة/السبت مع الأمن اللبناني للإبلاغ بأنّ رجل الأعمال العراقي نور زهير الذي ادعى أنه "تعرض لحادث سير في منطقة الحدث وأصيب بكسور" متّهم بالفساد ولديه محاكمة في 27 الجاري في قضية "سرقة القرن".

وعلى الفور توجهت دورية من أمن الدولة الى مستشفى السان تيريز حيث خضع رجل الأعمال إلى استجواب. ومن المشاهدات تبين أنه لا يعاني من كسور ولا حالة صحية تدل على تعرضه لحادث كبير أو تدهور في وضعه الصحي. كما تم سؤال الطبيب المعاين وتبيّن أنّه مارس عمله الطبيعي من دون أي اعتبارات أخرى.

وبعد مغادرة الدورية كون رجل الأعمال غير مطلوب في مذكرة انتربول، غادر نور زهير المستشفى.

وقال مصدر أمني في لبنان، السبت، لموقع وكالة شفق نيوز، إن زهير، لم يمض في لبنان سوى 3 أيام، وقد غادر لبنان الجمعة إلى دولة عربية.

ووفق الإعلام العراقي قد يكون نور زهير سافر بجواز سفر غير عراقي إلى بلد عربي. ومن هناك اتصل بصحافي ضمن خدمة الخبر المدفوع وزوده بالصور وتفاصيل تعرضه لحادث سير وإصابته بكسور في منطقة الحدث في بيروت.

وفي غضون ذلك كشفت عضو لجنة النزاهة النيابية سروة عبدالواحد، عن إحالة الطبيب الذي زوّر التقرير الطبي للمتهم الرئيس بسرقة القرن نور زهير للتحقيق، مؤكدة أن الأخير لم يتعرض لأي خدش.

وقالت عبدالواحد في تغريدة على منصة إكس، إن "الطبيب الذي زوَّر التقرير الطبي لنور زهير في مستشفى سان تريس أُحيل على التحقيق، ومن خلال تواصلنا مع جهاز أمني في بيروت كشفوا لنا عدم تعرض الهارب نور زهير لأي خدش بسيط أو جرح".

وأضافت أن "كل الصور التي نُشرت مفبركة وخارج المستشفى وخلال تواصلنا مع الإعلامي أمين ناصر الذي تابع الموضوع بصفته صحفيًا استقصائيًا أكد كذب الادعاءات التي نُشرت، ولولا وجود الصديق أمين ربما نجحت خطتهم وكان نور زهير الآن في عِداد الموتى"، مختتمةً قولها "مسرحياتكم فاشلة".

إلى ذلك، رجح مصدر قضائي عراقي تأجيل محاكمة زهير المقررة الثلاثاء القادم في حال قدم ما يثبت تعرضه لحادث شريطة تصديقه من السفارة في بيروت.

واستبعد الخبير استبعد إمكانية التأجيل بالنظر للغموض المرتبط بتعرض زهير للحادث، إلى جانب أن قضيته باتت تشغل الرأي العام وتعرض القضاء للحرج إن أظهر تهاونًا في حسمها.

ورجح الخبير قيام القضاء بإلغاء كفالة زهير التي بموجبها أخلي سبيله، وقد يصدر قرار بإعادته إلى البلاد لمحاكمته، ومن الوارد جدًا إصدار القضاء حكمًا غيابًا ضده.

ونور زهير متهم بسرقة حوالي 2.5 مليار دولار من أموال الأمانات الضريبية، التابعة لشركات أجنبية، ومودعة في المصارف الحكومية العراقية، بالشراكة مع رجال أعمال وشخصيات نافذة من خلال الاحتيال والتزوير. وفيما فر هو من العراق تم القاء القبض على عدد من المتورطين وجرى استرداد جزء من المسروقات.

ويُعدّ رجل الأعمال هذا الشخصية الأشهر في العراق في الوقت الراهن والأكثر إثارة للجدل وقد ظهر أخيراً في مقابلة تلفزيونية ليدافع عن نفسه، مؤكّداً أنه سيحضر محاكمته المقرّرة يوم الثلاثاء المقبل، لكنه طالب بأن تكون علنيّة وهدد بـ"كشف أسماء وتفاصيل بقضايا فساد".