منذ بداية الصراع في اليمن، أصبحت منطقة تهامة هدفاً استراتيجياً للحوثيين الذين سارعوا إلى بسط سيطرتهم على المنطقة من خلال استراتيجيات مختلفة، أبرزها نهب الأراضي والممتلكات. هذه الممارسات لم تكن مجرد استيلاء على موارد طبيعية أو مادية، بل كانت جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز سيطرتهم على المنطقة وتغيير التركيبة الاجتماعية والاقتصادية فيها. تعود جذور الصراع في تهامة إلى تداخلات معقدة من العوامل القبلية والسياسية والاقتصادية. وقد أصبحت هذه المنطقة هدفًا رئيسيًا للحوثيين بسبب موقعها الاستراتيجي وأهميتها الاقتصادية. كما أن الحوثيين يسعون للسيطرة على الموارد المحلية، بما في ذلك الأراضي الزراعية والعقارات، لدعم مجهودهم الحربي وتوسيع نفوذهم. اعتمد الحوثيون عدة استراتيجيات للسيطرة على تهامة، كان من أبرزها هو الاستيلاء على الأراضي الزراعية، حيث ان تهامة معروفة بأنها سلة غذاء اليمن، لذا كان للسيطرة على أراضيها الزراعية أهمية كبيرة في تأمين الموارد الغذائية والتحكم فيها. استولى الحوثيون على آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية، إما بالقوة أو من خلال فرض "رسوم حماية" باهظة على المزارعين. لم تقتصر عمليات النهب على الأراضي فقط، بل شملت أيضاً الممتلكات العامة والخاصة. تم الاستيلاء على ممتلكات المواطنين، بما في ذلك المنازل والمتاجر والمؤسسات التجارية، وتم توجيه العائدات لخدمة أهداف الحوثيين العسكرية والسياسية. تعرضت العديد من العائلات لعمليات مصادرة قسرية لمنازلهم وممتلكاتهم، حيث يُجبر السكان على مغادرة منازلهم تحت تهديد السلاح أو من خلال ممارسات قانونية مشبوهة.
من خلال هذه العمليات، يسعى الحوثيون إلى تغيير التركيبة السكانية للمنطقة، ما يعزز سيطرتهم على المنطقة ويضعف من نفوذ القوى المحلية المعارضة لهم.
عمل الحوثيون على إعادة توزيع السكان في المناطق التي يسيطرون عليها من خلال تهجير قسري لبعض القبائل والعائلات وجلب مؤيدين لهم من مناطق أخرى. يهدف هذا التغيير إلى خلق قاعدة دعم محلية وتأمين ولاء السكان للمليشا الحوثية. كم يستخدم الحوثيون الموارد المستولى عليها في تمويل آلة الحرب الحوثية، بما في ذلك شراء الأسلحة ودفع الرواتب للمقاتلين. وهذا يعزز قدرتهم على الاستمرار في الصراع وتأمين المزيد من الأراضي والممتلكات. أدت عمليات النهب إلى تداعيات كارثية على السكان المحليين في تهامة. فإلى جانب الفقر المتزايد، تشردت مئات العائلات من منازلها وأراضيها، ما تسبب في زيادة عدد النازحين داخليًا. كما تأثرت الأنشطة الزراعية بشكل كبير، مما أثر سلبًا على الأمن الغذائي في المنطقة التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة. حيث أدى الاستيلاء على الأراضي الزراعية إلى تراجع كبير في الإنتاج الزراعي، مما زاد من انعدام الأمن الغذائي في المنطقة. ونتيجة لذلك، ارتفعت معدلات الجوع وسوء التغذية بين السكان، خاصة بين الأطفال والنساء. كم أجبر الحوثيون الكثير من سكان تهامة على مغادرة منازلهم وأراضيهم، إما بسبب القتال أو نتيجة للضغوط المباشرة من قبلهم. أدى ذلك إلى زيادة أعداد النازحين داخلياً، مما فاقم من أعباء المساعدات الإنسانية في المنطقة. بالإضافة الى تعرض العديد من البنى التحتية الحيوية في تهامة، مثل المدارس والمستشفيات والطرق، للدمار نتيجة للصراع. هذا الدمار لم يؤد فقط إلى تدهور الظروف المعيشية، بل جعل من الصعب على المنظمات الإنسانية تقديم المساعدات للسكان المحتاجين. كما انه نتيجة لفقدان الأراضي والممتلكات وتدمير الاقتصاد المحلي، ارتفعت معدلات الفقر في تهامة بشكل ملحوظ. وأصبح الكثير من السكان يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة. أثارت هذه الانتهاكات استياءً واسعًا في أوساط المجتمع الدولي، خاصة في ظل التقارير المستمرة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. وقد أصدرت العديد من المنظمات الدولية بيانات تندد بممارسات الحوثيين، مطالبة بضرورة حماية المدنيين وممتلكاتهم.
إن نهب الحوثيين لأراضي وممتلكات تهامة يعكس استراتيجيتهم للسيطرة على المناطق الحيوية في اليمن. يتضح ذلك من خلال تعزيز سيطرتهم على تهامة بأي وسيلة ممكنة، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل خطير. يتطلب الوضع في تهامة تدخلات دولية عاجلة للحد من معاناة السكان وحمايتهم من المزيد من الاستغلال والتشريد. إن إنهاء هذا الوضع يتطلب حلولاً سياسية شاملة تضمن استعادة حقوق السكان وتحقيق العدالة والتنمية المستدامة في المنطقة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news