ملاحظات على أحاديث الصلاة الإبراهيمية (2)
- إذا ما فسرنا الحديث بالحديث، على قاعدة تفسير القرآن بالقرآن، وكيف حث النبي –صلى الله عليه وسلم- على الصلاة عليه، سنجد أنه كان يحث على الصلاة عليه وحده دون عطف (الآل) عليه، كما في الحديث: حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر، قالوا: حدثنا إسماعيل (وهو ابن جعفر) عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "من صلى علي واحدة، صلى الله عليه عشرا".
وحديث آخر، قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، أخبرنا شعبة، عن عاصم بن عبيدالله قال: سمعت عبدالله بن عامر بن ربيعة يحدث عن أبيه قال: سمعت النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: "من صلى علي صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى عليّ، فليقلًّ عبد من ذلك أو ليكثر" (رواه ابن ماجه، من حديث شعبة، به).
وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا أبو سعيد، مولى بني هاشم، حدثنا سليمان بن بلال، حدثنا عمرو بن أبي عمرو، من عبدالواحد بن محمد بن عبدالرحمن بن عوف، عن عبدالرحمن بن عوف قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتوجه نحو صدقته، فدخل فاستقبل القبلة، فخر ساجداً، فأطال السجود حتى ظننت أن الله قد قبض نفسه فيها، فدنوت منه ثم جلست، فرفع رأسه فقال: "من هذا؟"، فقلت: عبدالرحمن. قال: "ما شأنك؟"، قلت: يا رسول الله، سجدت سجدة خشيت أن [يكون] الله –عز وجل- قبض نفسك فيها. فقال: "إن جبريل أتاني فبشرني أن الله –عز وجل- يقول لك: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، فسجدت لله –عز وجل- شكراً".
قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا يونس بن عمرو، يعني: يونس بن أبي إسحاق، عن بُرَيد بن أبي مريم، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى غلي صلاة واحدة، صلى الله عليه عشر صلوات، وحط عنه عشر خطيئات".
وروى الإمام أحمد، حدثنا أبو عبدالرحمن، حدثنا حيوة، حدثنا كعب بن علقمة، أنه سمع عبدالرحمن بن جبير يقول: إنه سمع عبدالله بن عمرو بن العاص يقول: إنه سمع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا سمعتم مؤذناً فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة".
وعن مُوسَى بْن إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ يَسَارٍ الْكِلَابِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو مُطَرِّفٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، عَنِ الْمُجْمِرِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى، إِذَا صَلَّى عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". رواه أبو داود .
وهذا الحديث قريب من حديث أبي حُمَيد الساعدي إلا أن فيه زيادة (أهل بيته وألحق توضيح من هم أهل البيت بعده) مع أن أزواجه وذريته هم معنى (أهل البيت)، ولكن هذا الحديث ضعفه رجال الحديث.
ولو قارنا الصلوات الآتية وأحاديثها بصيغ أخرى وأحاديث أخرى، في كيفية الصلاة على النبي، فإن كلها تتآزر على صيغ تخلو مما تسمى الصلاة الإبراهيمية.
• ومنها الإكثار من الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة؛ ففي المسند والسنن عَنْ أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ".
• ومنها: في قنوت الوتر. فعن الحسن بن علي، قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء الكلمات في الوتر، قال: "قل اللهم اهدني فيمن هديت، وبارك لي فيما أعطيت، وتولني فيمن توليت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت، وصلى الله على النبي". رواه النسائي، ورواه غيره من غير ذكر الصلاة في آخره.
• ومنها: بعد إجابة المؤذن؛ لما روى مسلم في "صحيحه": من حديث عبد الله بن عمرو، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا سَمِعْتُم المؤذِّنَ فقُولوا مِثْلَ ما يَقُولُ، ثم صَلُّوا عَلَيَّ، فإنّه مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللهُ عَليْه بهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الوَسِيْلَة، فإِنَّها مَنْزِلةٌ فِي الجَنَّة لا تنبَغِي إلَّا لعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله تعالى، وأرْجُو أنْ أكُوْنَ أنَا هُوَ، فَمَنْ سألَ لِيَ الوَسِيْلة حَلَّتْ عَلَيْه الشَّفَاعَة".
• ومنها عند الدعاء؛ لما روى الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما عن فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- قال: سمعَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- رجلًا يدعُو في صلاته لم يمجِّد الله ولم يصلِّ على النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "عَجِلَ هذا" ثم دعاه، فقال له أو لغيره: "إذا صلَّى أحَدُكم فَلْيبْدأ بتحميد ربه والثَّناء عليه، نُمَّ يُصلَّي على النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ثم يدعو بعْدُ بِما شَاء".
• ومنها في الصباح والمساء؛ لما روى الطبراني عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى علي حين يصبح عشرًا، وحين يمسي عشرًا أدركته شفاعتي يوم القيامة".
....يتبع
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news