تعاني تهامة من ظروف صعبة نتيجة الإهمال الحكومي وانتهاكات الحوثيين. تهامة، وهي منطقة ساحلية تمتد على طول البحر الأحمر، تعتبر من أغنى المناطق بالموارد الطبيعية، ولكنها من أفقر المناطق في الخدمات والبنية التحتية. هناك عدة جوانب لهذه المعاناة، منها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. ففي الجانب الاقتصادي، تمتلك تهامة أراضي زراعية خصبة وإمكانات كبيرة في مجال الصيد البحري، ولكن سكانها يعانون من فقر مدقع. يعود ذلك إلى عدم وجود دعم حكومي كافٍ للقطاع الزراعي، وضعف البنية التحتية مثل الطرق وشبكات الري. بالإضافة إلى ذلك، تسببت الحرب المستمرة في تدمير ما تبقى من هذه البنية التحتية، مما أدى إلى زيادة الأعباء على المزارعين والصيادين المحليين.
وبالنسبة الى الجانب الاجتماعي، فإن الظروف الاجتماعية في تهامة سيئة للغاية. ينتشر سوء التغذية والأمراض بسبب نقص الخدمات الصحية والمياه الصالحة للشرب. المدارس تعاني من نقص حاد في المعلمين والمرافق الأساسية، مما يؤثر سلباً على مستوى التعليم في المنطقة. النساء والأطفال هم الأكثر تضرراً، حيث يواجهون ظروفاً قاسية تتراوح من نقص الغذاء إلى غياب الرعاية الصحية والتعليمية. وأما عن الجانب الأمني، تتعرض تهامة لاعتداءات متكررة من قبل الحوثيين، الذين يسيطرون على أجزاء كبيرة من المنطقة. هذه المليشيا المسلحة تقوم بفرض إتاوات على السكان، وتجند الأطفال قسراً في صفوفها. كما يستخدم الحوثيين تهامة كموقع لإطلاق الصواريخ على المناطق والأهداف الأخرى، مما يعرض السكان المحليين لخطر الانتقام والهجمات المضادة. مليشيا الحوثي تُتهم بارتكاب العديد من الانتهاكات الإنسانية في تهامة، منها القتل العشوائي، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب. هذه الانتهاكات تُضاف إلى معاناة السكان، الذين يجدون أنفسهم محاصرين بين القصف والاعتداءات من جهة، والإهمال الحكومي من جهة أخرى. مع اندلاع الصراع اليمني، تعرضت تهامة لانتهاكات واسعة من قبل جماعة الحوثي. المليشيات الحوثية سيطرت على أجزاء كبيرة من المنطقة، مما أدى إلى تهجير آلاف الأسر، ونهب الممتلكات، وتدمير المنازل. التقارير تشير إلى استخدام الحوثيين للقوة المفرطة ضد المدنيين، وارتكابهم انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والتعذيب.
في المقابل عانت تهامة من الإهمال والإقصاء المتعمد على مدار عقود طويلة. الحكومات المتعاقبة في اليمن لم تعطِ هذه المنطقة الاهتمام اللازم من حيث البنية التحتية، التعليم، والصحة. هذا الإقصاء المتعمد أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وزيادة معاناة السكان المحليين. قلة الاستثمار في المشاريع التنموية ساهمت في عزل المنطقة وجعلتها عرضة للاضطرابات والصراعات. من جانبها، فشلت الحكومات اليمنية المتتابعة في تنفيذ وتقديم الدعم اللازم لتهامة. بالرغم من الوعود المتكررة بتنفيذ مشاريع تنموية، إلا أن الواقع يشير إلى غياب التنفيذ الفعلي. هذا الإهمال الحكومي يؤدي إلى تفاقم معاناة السكان، الذين يشعرون بأنهم منسيون عمداً من قبل السلطات. إن الوضع الإنساني في تهامة حرج للغاية، السكان يعانون من نقص حاد في الغذاء، والمياه النظيفة، والرعاية الصحية. المنظمات الإنسانية تجد صعوبة في الوصول إلى المتضررين بسبب الصراع المستمر وانعدام الأمن. تفشي الأمراض والأوبئة، مثل الكوليرا، زاد من معاناة السكان وأدى إلى وفاة العديد منهم. ومؤخراً وبسبب عدم وجود بنية تحتية في تهامة لتصريف الامطار والسيول تعرضت تهامة لكارثة انسانية واصبحت منطقة منكوبة وذلك بسبب المنخفض الجوي حيث جرفت السيول قرى بأكملها وبعض القرى الأخرى حاصرتها الفيضانات، فقد العديد من سكان تهامة بيوتهم وممتلكاتهم وأرواحهم في هذه الكارثة الانسانية التي تتعرض لها تهامة لم يكن ليحصل ذلك لو كانت الحكومات اليمنية المتتابعة تقوم بواجبها تجاه هذه المنطقة وتقوم بتنفيذ المشاريع على أرض الواقع بدلاً من بيع الأوهام على سكان تهامة.
لحل مشكلة تهامة، يجب أن يكون هناك تدخل دولي ومحلي مشترك. يجب على الحكومة اليمنية البدء في تنفيذ مشاريع تنموية عاجلة لتحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية. كما ينبغي الضغط على الحوثيين لوقف انتهاكاتها وتقديم الدعم الإنساني للسكان المحليين. المنظمات الدولية يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في تقديم المساعدات الإنسانية وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة. رغم الجهود الدولية والمحلية لتقديم المساعدات الإنسانية، إلا أن التحديات الأمنية واللوجستية تعيق الوصول إلى المناطق المتضررة. المجتمع الدولي، من خلال الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، يسعى لتقديم المساعدات الطارئة، لكن هذا غير كافٍ في ظل تواصل الصراع وعدم وجود حلول سياسية تلوح في الأفق.
في الختام، فإن معاناة تهامة تتطلب حلاً شاملاً يتضمن التعاون بين الجهات المحلية والدولية، والالتزام الجاد من قبل الحكومة اليمنية بتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية للسكان. إن تهامة اليمن تمثل مثالاً صارخاً للمعاناة التي يعيشها اليمنيون في ظل الصراع والإقصاء المتعمد. الحاجة ماسة إلى تدخل عاجل ومنسق من قبل المجتمع الدولي والحكومة اليمنية لرفع المعاناة عن السكان، وضمان وصول المساعدات، والعمل على إيجاد حلول سياسية تسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية في هذه المنطقة المنسية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news