الأرجنتين تفتح باب أمل جديد أمام محاسبة مرتكبي الإبادة الجماعية بحق الإيغور
في خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة للشعب الإيغوري، أصدرت
محكمة النقض الجنائية الفيدرالية الأرجنتينية
قرارها فيما يتعلق بشكوى جنائية رفعها مشروع حقوق الإنسان الإيغوري، ومؤتمر الإيغور العالمي، ومحامون من أجل حقوق الإيغور بتهمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
وقضت محكمة النقض بأن محكمة الاستئناف في بوينس آيرس كانت مخطئة في الموافقة على قرار المدعي العام بحفظ الشكوى وأمرت المدعي العام بفتح تحقيق.
وكانت نتيجة القرار الذي صدر هذا الأسبوع، أن قاضي الدرجة الأولى سيضطر إلى فتح القضية، ما يجعلها لحظة حاسمة بالنسبة للإيغور الذين أصبحوا الآن أقرب إلى تحقيق العدالة للجرائم الدولية التي ارتكبتها وكالات الدولة الصينية ضد شعبهم، كجزء من القمع المنهجي في إقليم شينجيانغ.
ويأتي قرار محكمة النقض في أعقاب تقديم شكوى جنائية في بوينس آيرس في 16 أغسطس/آب 2022، بموجب أحكام الولاية القضائية العالمية المنصوص عليها في المادة 118 من الدستور الأرجنتيني، والتي تسمح بمحاكمة الشكاوى المتعلقة بالجرائم الدولية أمام أي محكمة في الأرجنتين، بغض النظر عن مكان وقوع هذه الجرائم في جميع أنحاء العالم.
وفي تعليقه على القرار قال المدير التنفيذي لمشروع حقوق الإنسان الإويغوري عمر كانات، إن هذا القرار يشكل خبراً عظيماً ويعزز إيماننا بأن المحاكم الأرجنتينية ستنظر في هذه القضية وفقاً للقانون الأرجنتيني.
وأضاف: “يمنح هذا الخبر أملاً جديداً للإيغور. ويرسل إشارة قوية إلى السلطات الصينية بأن مرتكبي الجرائم ضد الشعب الأويغوري لن يتم نسيانهم. وسوف نواصل النضال من أجل تحقيق العدالة لشعبنا. ونشكر أولئك الذين دعموا قضيتنا بما في ذلك أولئك الذين قدموا مذكرات صديقة للمحكمة لدعم قضيتنا”.
نحن في العاصفة نيوز تواصلنا مع
مايكل بولاك
محامي الإيغور والمسؤول عن القضية، والذي أكد أن هذا القرار يعد قرارا فريدا من نوعه، مضيفا أنها المرة الأولى التي تأمر فيها المحاكم بفتح شكوى جنائية أو تحقيق في الجرائم الفظيعة المرتكبة ضد شعب الإيغور، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
I act for
@UyghurProject
@L4UR_UK
pic.twitter.com/XMgeVFvRkm
— Michael Polak (@MichaelPolakLaw)
July 12, 2024
واعتبر بولاك أن القرار يمثل لحظة فاصلة لشعب الإيغور ولمشروع حقوق الإنسان للإيغور وكذلك مؤتمر الإيغور العالمي، حيث سيعرف هذا الشعب أن معركتهم مستمرة ضد النظام الذي يمزق عائلاتهم، ويسجن ذويهم، ويخضع أسرهم للعبودية والإجهاض القسري، وجميع أنواع الجرائم المروعة مثل التعذيب والقتل، وأنه ليس فوق القانون وسيواجه على الأقل نوعًا من العدالة.
وقد رفع الشكوى مؤتمر الإيغور العالمي، وهو الهيئة المنتخبة ديمقراطياً التي تمثل شعب الإيغور، ومنظمة حقوق الإنسان غير الحكومية ومقرها واشنطن مشروع حقوق الإنسان الإيغوري، ومحامون من أجل حقوق الإيغور، وهي منظمة من المحامين الذين يعملون على مكافحة قمع شعب الإيغور من قبل الدولة الصينية.
لكن ماذا بعد هذا القرار وما هي الخطوات التالية؟، كان هذا سؤالنا للمحامي مايكل بولاك، والذي شرح لنا أن القرار الأخير الصادر عن محكمة النقض الجنائية الفيدرالية الأرجنتينية يعني أن قاضي الدرجة الأولى، الذي سبق أن وافق على قرار المدعي العام بحفظ الشكوى الجنائية التي تم تقديمها سابقا، سيضطر إلى فتح تحقيق.
وبالإضافة إلى إلغاء قرار محكمة الاستئناف بالسماح للنيابة العامة بحفظ القضية، ألغت محكمة النقض بحسب بولاك أيضًا قرارها بعدم منح الضحايا صفة الطرف المدني.
يضيف بولاك أن هذا الأمر يعني الانتقال إلى المرحلة التالية وفيها يقوم المدعي العام وقاضي التحقيق باستدعاء الشهود والأدلة الأخرى، وكلاهما شهود على الوقائع، ومن بينهم بعض الإيغور الشجعان ممن فروا من الصين، ووافقوا على تقديم أدلة حول ما يحدث لشعبهم هناك، بالإضافة إلى شهود خبراء، الذين لديهم الكثير من الأدلة فيما يتعلق بالتحكم في السكان وحركتهم، بالإضافة إلى خبراء في اللغة الصينية الذين ترجموا وثائق من النظام، وتحديد ما يهدفون إلى القيام به فيما يتعلق بشعب الإيغور في المنطقة.
واعتبر رئيس جمعية محامي الإيغور في حديثه مع العاصفة نيوز، أن هذه لحظة عظيمة بالنسبة لكل الشعب الإيغور، موضحا أن بعد مرحلة التحقيق، ستقرر المحكمة ما إذا كانت ستبدأ محاكمة جنائية، وما إذا كانت ستصدر أوامر اعتقال.
كما أكد أن حقيقة نقض رفض الشكوى من قبل المحكمة الابتدائية سابقا وقيام محكمة النقض حاليا بإقرار خطأها، هو أمر ضخم ستأخذه المحكمة التي تنظر القضية بعين الاعتبار، عند اتخاذ القرارات في هذه القضية.
وبينما يتساءل البعض حول أهمية ما حدث، وصف بولاك ما جرى بأنه لحظة حاسمة بالنسبة للإيغور، لأن هذه القضية معروضة أمام قضاة مستقلين، قضاة موضوعيين يتخذون قرارًا بناءً على القانون وعلى الأدلة، وهو السبب وفقا للمحامي وراء وجود محاكم معينة للنظر في الجرائم الفظيعة مثل محكمة يوغسلافيا ورواندا، على سبيل المثال، وكذلك محكمة سيراليون، أيضا.
وحول الأسباب الكاملة وراء اللجوء إلى القضاء الأرجنتيني وليس مثلا محكمة تابعة للأمم المتحدة، قال مايكل بولاك إن الصين لديها مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مما يعني أنها تستطيع الاعتراض على إنشاء مثل هذه المحاكمة، وبالتالي لجأوا إلى المحاكم المحلية بموجب الولاية القضائية العالمية، وهو بند يعني أنه يمكن رفع قضية، بشأن جرائم دولية، أو جرائم ضد الإنسانية، أو الإبادة الجماعية، أو التعذيب، وما إلى ذلك، بغض النظر عن مكان وجود الضحية أو مكان وجود الجاني، وبالتالي لا تملك الصين القدرة على السيطرة على تلك العملية عندما تكون أمام محكمة مستقلة وموضوعية، كما هو الحال في الأرجنتين.
ولم يستبعد بولاك الذي قدم الشكوى قبل عامين أن يأتي اليوم ونرى إصدار أوامر اعتقال ضد الذين ارتكبوا جرائم ضد شعب الإيغور، مستشهدا بما جرى في حالة الروهينغا.
المحامي مايكل بولاك مع مدير مشروع حقوق الإنسان الإيغوري عمر كانات ورئيس المؤتمر العالمي للإيغور دولكان عيسى أثناء تقديم شكوى الإيغور في الأرجنتين
ففي قضية مماثلة رفعها ضحايا الروهينغا للنظام البورمي، طلب المدعي العام من المحكمة إصدار أوامر اعتقال بحق قادة عسكريين رفيعي المستوى.
وفي 28 يونيو الماضي، طلب المدعي العام الأرجنتيني غييرمو ماريجوان من المحكمة الفيدرالية إصدار أوامر اعتقال بحق 25 عضوًا من الحكومة والجيش في ميانمار، بمن فيهم رئيس الدولة مين أونج هلاينج والمستشارة السابقة للدولة أونج سان سو كي.
ونظرًا لأنه جمع أدلة كافية لدعم الاتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية ضد الروهينجا بين عامي 2012 و2018، فقد سعى المدعي العام إلى القبض على هؤلاء المشتبه بهم الخمسة والعشرين دوليًا وتسجيل النشرات الحمراء لدى الإنتربول.
يضيف: لذا فإن ما نراه في نظام الولاية القضائية العالمية الأرجنتيني هو أنه نظام يتم استخدامه، بشكل فعال، حيث من الممكن إصدار أوامر اعتقال بحق المجرمين، وستكون تلك لحظة كبيرة أيضًا بالنسبة لشعب الإيغور.
أما فيما يتعلق بالرسالة التي يرسلها هذا التطور الحاسم إلى السلطات الصينية، فيقول بولاك إن هذا يبعث برسالة قوية مفادها أنه قد يأتي اليوم وتتحقق العدالة، بغض النظر عن حجمك وقوتك كدولة، أو مدى القوة التي تتمتع بها في الأمم المتحدة، أو مدى القوة التي تتمتع بها على الدول الأخرى حول العالم التي تفشل في انتقادك حتى عندما تكون ارتكاب هذه الجرائم الفظيعة ضد الناس الأضعف، عندما تجعلهم يشربون الخمر أو يأكلون لحم الخنزير في شهر رمضان، أو تقم بإزالة لحاهم، كل هذه الأشياء الفظيعة التي تفعلها الصين بشعب الإيغور والمنظمات والدول حول العالم تتجاهلها.
ويشدد على أن من بين الرسائل أيضا أن السلطات الصينية مهما بلغت قوتها وأموالها لدرجة أنها قد تتمكن من شراء بعض الدول أو الجهات لتبييض سمعتها، فإنها لا يمكنها التحكم في القانون أو العدالة، خصوصا هذه المرة، حيث يشير بولاك إلى امتلاكهم مجموعة هائلة من الأدلة القوية التي سيتم تقديمها.
ويقول محامي الإيغور الذي كان يتحدث بثقة كبيرة، أن فريقه والمنظمات الداعمة لحقوق الإيغور تمكنت من جمع الكثير من الأدلة، لكن ما كان يؤخرهم هو إيجاد الجهة التي تستقبلها وتستطيع النظر فيها، وهو ما وجدوه في الأرجنتين.
يضيف: “لذلك نحن واثقون عندما يتم عرض هذا الدليل أمام القضاء هناك، لا يمكن للقضية أن تسير إلا في اتجاه واحد، وهو تحقيق العدالة”.
وبحسب بولاك، تقدم الشكوى الجنائية أدلة دامغة على الجرائم الدولية التي ترتكب ضد شعب الإيغور، بما في ذلك العمل القسري والإجهاض القسري والتعقيم والتعذيب والاحتجاز الجماعي في المعسكرات والقتل، وهي مدعومة بأدلة الخبراء وأدلة الضحايا الذين تمكنوا من الفرار من الصين.
لكن ألا يمكن للصين منع هذه المحاكمة بأي شكل من الأشكال؟، حول هذه النقطة، يؤكد مايكل بولاك أن النظام الصيني ربما لا يملك القدرة على القيام بذلك، لكنه لم يستبعد أن يحاول دبلوماسياً ممارسة الضغط على الأرجنتين.
ورغم احتمالية هذا السيناريو، إلا أن محامي الإيغور، يرى أن الأرجنتين لديها حكومة في الوقت الحالي تقف بقوة ضد النظام الصيني، وكذلك أظهرت المحاكم هناك أنها مستقلة عن الحكومة على أي حال”.
ولأن لديك عملية الاستئناف هذه، كان علينا الانتقال إلى المستوى الثاني من الاستئناف للحصول على القرار الصحيح في قضيتنا. وكان هناك مستوى آخر من الاستئناف أعلاه يمكنك الذهاب إليه.
يضيف: “لكن بما أن لدينا عملية الاستئناف فوق المحكمة الابتدائية فإن ذلك يجعل من الصعب جدا على القضاة أن يتخذوا قرارات بناء سياسية أسباب سياسية لأن قراراتهم سيتم تدقيقها من قبل القضاة أعلاهم. وقد أظهر القضاء في الأرجنتين أنه حريص جدًا على حماية العدالة في جميع أنحاء العالم. لذا يتصرف باستقلالية، وبعيدا عن الأهواء السياسية لأي أحد،لذا فإن الصين لا تستطيع منع المحاكمة بهذه الطريقة”.
الأمر الآخر الذي قد تلجأ له بكين ونظام الرئيس الصيني شي جين بينغ بحسب بولاك هو محاولة تشويه سمعة الشهود، مشيرا إلى أنهم فعلوا ذلك من قبل، لكنه عبر عن أمله في أنهم لن يتمكنوا من إيقاف هذه المحاكمة هذه المرة باستخدام قوتهم، كما فعلوا فيما يتعلق بالتحقيقات الأخرى وكما فعلوا مع المنظمات، في بعض دول العالم، باستخدام قوتهم المالية لمنع الناس من التحدث عن الفظائع الفظيعة التي ترتكب ضد شعب الإيغور.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news