تفاصيل الخبر | اهم الاخبار
المثقف حين يضع الفلتر ويبتسم
73 قراءة  |

كانوا يُسمّونه “المثقف العضوي” يربي نتفاً من الفقر والكآبة على هامش مجتمعه، لا يكتب ليُتابَع بل ليُحاكَم .. ثم جاءت الخوارزميات ومسحت الطباشير من على السبورة وحولت القلم إلى “مايك لافاليير”، والوعي إلى “مشاهدات”.

يُقال إن الكاتب ابن بيئته، لكن الكاتب الجديد ابن خوارزميته .. لم يعد الكاتب يكتب لأنه لا يستطيع ألّا يكتب بل يكتب لأنه يجب أن ينشر كل اثنين وخميس في تمام التاسعة مساءً.

أصبح الكاتب أشبه بمؤثر صحي يتحدث عن فلسفة هايدغر عبر تطبيق مونتاج، وفي الخلفية موسيقى إلكترونية وحركات نصية من نمط: “لن تصدق ما قاله هوسرل عن الإدراك!”

ما عاد المثقف يحتج بل يشرح .. يفسر لنا العدالة وهو يبتسم .. يخبرنا عن البنى التحتية للرأسمالية وهو يرتدي قميصاً بلا أكمام .. يخوض في الجندر والاستلاب الوجودي عبر بث مباشر يتخلله سؤال من متابع : “تنصحني بأي كتاب أبدأ؟”

هذا لم يعد زمن المقالة بل زمن “الكاروسيل” .. لا مكان للاستطراد، لا وقت للسخرية المبطنة، لا مجال للغوص في تشابك المعنى .. فقط نقاط واضحة، خمس صور متتابعة، وعبارة ختامية تقول: “احفظ المنشور وشاركه مع أصدقائك”.

كل شيء أصبح سهل الهضم، سهل الترويج .. حتى التهكم، صار له فلتر. صار الكاتب يقدم نقداً جذاباً يشبه علب الشوكولاتة الدايت .. السخرية لم تعد مكراً بل منتجاً بصرياً.

أصبح الكاتب يراعي “التفاعل” .. لا يسأل “هل فهموني؟” بل “هل حفظوا المنشور؟” .. صارت غايته أن يدخل قوائم الأكثر تداولاً.

في الماضي كان المثقف يُحرَق كتابه، أو يُحرَق هو مع كتابه، واليوم يُطلب منه أن يصمم نسخة “PDF قابلة للمشاركة على الواتساب”.. صار النجاح أن يُقتبس كلامه في فيديو تحفيزي، تُرفق به موسيقى حزينة وصور ريترو، بعنوان: “كلام سيغير حياتك”.

شيئاً فشيئاً صار الكاتب محتوى، وصار المحتوى مهدئاً بدلاً من أن يكون صاعقاً .. لم يعد السؤال: ماذا يقول؟ بل: كم عدد المشاهدات؟ .. لم تعد الجملة “صادمة” لأنها تزعزع التصور، بل لأنها مكتوبة بخط غريب على خلفية متحركة.

الكاتب الجديد لا يموت بالسُّل أو ينفى إلى سمرقند .. يموت من ضغط الخوارزمية، من ضرورة النشر المنتظم، من خوفه أن ينساه المتابعون بعد ثلاثة أيام .. إنه لم يعد كاتباً بل “مزود محتوى معرفي”، موظف غير رسمي في مكاتب وعي العالم الرقمي.

ولأن السوق لا يرحم، فقد صارت كل جملة تُقاس بمدى قابليتها للتحويل إلى “نصيحة سريعة”، وكل فكرة تُحاصر بين قوسي “إنفوغرافيك” .. وحتى الغضب ذلك الوقود القديم للكتابة صار يُعاد تدويره في شكل منشور “يعبر عن رأيك دون أن تخسر أصدقاءك”.

هل ما يزال ثمة من يكتب ليصطدم لا ليُصفق له؟ ربما، لكنه مدفون تحت بحر من مقاطع الريلز، منشورات اللطافة، وصور الفلاتر الوجودية.

إنه يكتب هناك .. في الزاوية، يلعن الخوارزمية، ويقول لنفسه: “هذا ليس زمننا… لكنه زمن نحتاج أن نلعنه كتابةً”.

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك
العين الثالثة | 872 قراءة 

تواصل أسعار الصرف تسجيل فروقات قياسية بين مناطق سيطرة الحكومة ومناطق سيطرة الحوثيين، حيث بلغ سعر الد


جهينة يمن | 704 قراءة 

اعلان سعودي بشأن تسوية اليمن الجديدة


جهينة يمن | 495 قراءة 

عاجل : غارات عنيفة على العاصمة صنعاء "تفاصيل أولية"


جهينة يمن | 460 قراءة 

عاجل : بالتزامن مع ذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام ...أحمد علي عبدالله صالح يخرج عن صمته ويهاجم ميلي


موقع الأول | 426 قراءة 


جهينة يمن | 366 قراءة 

لن تصدق ...هذا ماحصل اثناء جنازة شقيقة الرئيس إبراهيم محمد الحمدي وسط العاصمة صنعاء "شاهد"


قناة المهرية | 360 قراءة 

وجه رئيس حكومة الحوثيين، أحمد غالب الرهوي، انتقادات للمملكة العربية السعودية التي وصفها بالشقيقة الك


كريتر سكاي | 341 قراءة 

في مشهد مؤلم ومؤثر من منطقة الحسوة بمدينة عدن، التقطت عدسة أحمد بن عامر لحظ


يني يمن | 313 قراءة 

حذّر المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر، اليوم، من استمرار حالة عدم الاستقرار الجوي وتواصل هطول أ


جهينة يمن | 311 قراءة 

عاجل: هذا مايحدث الان في خط الحسوة – كالتكس بالعاصمة عدن "صورة"