أعلنت "لجنة التحقيق الوطنية" في أحداث الساحل السوري، اليوم الثلاثاء، أنها حددت هوية 298 شخصًا يشتبه في تورطهم بأعمال عنف شهدتها المنطقة خلال شهر مارس/آذار الماضي، وأسفرت عن مقتل 1426 شخصًا تم التحقق من أسمائهم، بينهم نساء ومدنيون وعسكريون سابقون.

وأوضح المتحدث باسم اللجنة، ياسر الفرحان، خلال مؤتمر صحفي في دمشق، أن الانتهاكات التي وقعت كانت واسعة النطاق لكنها لم تكن منظمة أو ذات دوافع أيديولوجية، بل ناتجة عن خلفيات ثأرية، بحسب وصفه. وأشار إلى أن اللجنة أحالت لائحتين بأسماء المشتبه بهم إلى القضاء المختص لمواصلة التحقيقات والمحاسبة.

وبحسب الفرحان، فإن اللجنة وثّقت انتهاكات جسيمة وقعت خلال أيام 7 و8 و9 مارس، شملت القتل العمد، السلب، تدمير الممتلكات، الحرق، التعذيب، واستخدام عبارات طائفية. وأكدت اللجنة توثيق 1426 حالة وفاة، منها 90 امرأة، بالإضافة إلى تسجيل 20 حالة فقدان.

وزارت اللجنة 33 موقعًا ميدانيًا، وأجرت عمليات معاينة ميدانية لمواقع الأحداث والمقابر الجماعية وأماكن الدفن، بحضور مخاتير، رجال دين، وممثلين عن العائلات المتضررة. كما أجرت اللجنة 938 مقابلة وإفادة من الشهود، منها 452 مرتبطة بحوادث قتل و486 تتعلق بالسلب والحرق والتعذيب.

وأشار الفرحان إلى أن اللجنة تمكنت من تحديد 265 شخصًا يشتبه بانتمائهم إلى مجموعات مسلحة خارجة عن القانون، لها صلات بفلول النظام السابق، استنادًا إلى شهادات الشهود، والتحقيقات، والأدلة الرقمية، والتقارير الجنائية.

توصيات اللجنة وموقف الدولة

وأفادت اللجنة بمقتل 238 عنصرًا من قوات الأمن والجيش خلال الأحداث، مؤكدة أن بعضهم ارتكب انتهاكات رغم مخالفتها للأوامر العسكرية. وذكرت اللجنة أن الدولة اتخذت إجراءات لضبط الأوضاع، وألقت القبض على عدد من المتورطين، رغم أن سيطرتها على المنطقة كانت جزئية خلال تلك الأيام.

وأوصت اللجنة بمنع التحريض الطائفي، وأكدت انتهاء مهامها بإحالة النتائج إلى السلطات القضائية، مشيرة إلى أن لائحة المتهمين سُلّمت إلى رئيس الجمهورية، وأن قرار إعلان أسمائهم من عدمه يعود إلى السلطة القضائية.

من جانبه، صرّح رئيس اللجنة، جمعة العنزي، في مقابلة تلفزيونية، بأن اللجنة عملت باستقلالية وشفافية تامة، دون أي تدخل حكومي، واستعانت بخبراء وشهود. وأضاف أن بعض الأسماء تم تسليمها إلى النيابة العامة قبل صدور التقرير لبدء الإجراءات القانونية.

وأكد العنزي أن "الدولة جادة في محاسبة المتورطين من جميع الأطراف"، مشيرًا إلى أن جميع الأشخاص الذين ظهروا في مقاطع فيديو أو صور على مواقع التواصل الاجتماعي تم التحقق من هوياتهم، وهم عرضة للمساءلة القانونية. كما دعا إلى تسريع مسار العدالة الانتقالية وملاحقة الفارين من العدالة، بما في ذلك قيادات من النظام السابق.

يُذكر أن الرئيس السوري أحمد الشرع شكّل لجنة التحقيق في 9 مارس، وجرى تمديد عملها لمدة ثلاثة أشهر، انتهت في 10 يوليو الجاري. وقد جاءت هذه التحقيقات على خلفية أعمال عنف دموية اندلعت في منطقة الساحل بين 6 و9 مارس، اتُّهم فيها مسلحون موالون للنظام السابق بشن هجمات خلفت خسائر بشرية جسيمة.