صلاح يحيى الجند

يُؤلمني حقًا، أيما إيلام، أننا نحنُ اليمنيين قد فقدنا ثقتنا بأنفسنا، وبقوتنا الجماعية التي طالما كانت مضرب المثل. نشعرُ أنَّ كلَّ جهدٍ وعزيمةٍ تبذلها أيادينا يُقابلُها إحباطٌ موجعٌ ممن وضعنا فيهم ثقتنا، وسلّمْناهم رايةَ الوطن، قائلين لهم: “أنتم قرروا وشُدّوا الهمّة، ونحنُ خلفكم سندٌ وعونٌ وقوة.”

نحنُ من قيلَ فينا “أولو بأسٍ شديد”، وكلمتنا “الأمر إليك” كانت تُشيرُ إلى القوة والبأس والشدة، وإلى الحكمة والصبر والمشورة. لكنَّ هذا الشعبَ العظيم، اليومَ، قد أُحبطت معنوياتُه، وانتكست رايتُه تحت وطأةِ إحباطٍ لا يُوصف.

كلما لاحَ الأفقُ بصيصَ أملٍ، شمَّرنا السواعدَ وأحسَنَّا النياتِ بالمسؤولِ والداعم، فإذا بالإحباطِ يحلُّ بنا. إما باتفاقيةٍ تُطيلُ الأزمةَ وتزيدُ المعاناةَ اتساعًا، وكأنها تُلغي وجودَنا لبرهةٍ من الدهر. أينَ القياداتُ والمسؤولون وأصحابُ الشعارات؟ مَن يُخلصُ هذا الشعبَ من جحيمٍ يلفُّه؟ هناك في الشمالِ جحيمُ الحوثي، وفي بقيةِ الوطنِ جحيمٌ من نوعٍ آخر؛ جحيمُ الغريبِ هنا، وجحيمُ القريبِ هناك.

قالَ لي بعضُ الأصدقاءِ من الناشطين الحقوقيين: “كيف لكم يا إخوتنا في اليمنِ أن تكونَ بلدُكم هكذا بهذا السوء، وأنتم بهذا العزمِ والقوةِ والصلابةِ والذكاءِ والنشاطِ والحكمة؟ نحنُ نراكم في كلِّ دولِ العالمِ مثالًا للنبلِ والفضيلةِ والشهامة، كيف لم تستطيعوا أن تُنهوا هذه المعاناةَ عن أنفسكم وأنتم لستم ضعفاء؟”

نظرتُ إليهِ وقد انكسرَ قلبي، ومشيتُ خطوتينِ صامتًا، ثم التفتُّ إليهِ وقلتُ له بقلبٍ مثقلٍ: “لسنا نحنُ كلَّ المشكلة، بل استُغلت فتنةٌ بيننا، وتآمرتْ علينا الأعداءُ والأصدقاءُ معًا، وتزعَّمنا أرخصُنا، وأُجبرَ فضلاؤنا على الصمتِ أو تمَّ قتلُهم”. تنهدتُ بقهرٍ، وتابعتُ: “ولكنها سبعُ سنينَ عجافٍ لم تنتهِ بعد، وبعدها خيرٌ إن شاء الله.

تعليقات الفيس بوك