تقرير : د. زينب القيسي

في تحول لافت ومبشر، شهدت محافظة الضالع زيارة رسمية لممثلي المبعوث الأممي إلى اليمن، في خطوة تأتي بعد أشهر من فتح الطريق الرئيسي الذي ظل مغلقًا لسنوات طويلة، حيث شكلت هذه الزيارة مؤشراً ملموسًا على تحسن الأوضاع الأمنية ونجاح جهود بناء السلام في واحدة من أكثر المناطق حساسية في جنوب البلاد.

زيارة نوعية تؤكد التقدم

وصل الوفد الأممي إلى الضالع بتاريخ 2 يونيو 2025، حيث جرى الاطلاع ميدانيًا على الوضع الأمني، والنقاط والدوريات المنتشرة على امتداد الطريق، وكيفية تعامل الأجهزة الأمنية مع المواطنين، إضافة إلى آلية تنظيم الحركة المرورية، التي شهدت تحسنًا ملحوظًا بعد فتح الطريق.

وتعكس هذه الزيارة تغيرًا جوهريًا في النظرة إلى الضالع التي كانت في السابق تُذكر في سياق التوترات. أما اليوم، فهي تفرض نفسها كرمز للتعافي والانفتاح على آفاق السلام، بفضل جهود أبنائها وقياداتها الميدانية.

هكذا تخطو الضالع بثقة نحو السلام#

نجاح هذه الخطوة لم يكن ليحدث لولا الإرادة الصادقة من القيادة العليا في الدولة، والتنسيق الفاعل بين مختلف المكونات السياسية والعسكرية والاجتماعية في الضالع. لقد جسدت هذه التجربة معنى الوحدة الوطنية والتفاهم من أجل المصلحة العامة، وهو ما نحتاجه في جميع المحافظات اليمنية، للخروج من دوامة الصراعات إلى طريق التنمية والاستقرار.

ونحن نؤكد أن ما تحقق في الضالع، يمكن أن يكون نموذجًا يُحتذى به في بقية المحافظات، حين تتوفر الإرادة الصادقة والعمل الجماعي، وتُوضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار.

الدعوة إلى التنمية المستدامة وإصلاح البنية التحتية

وفي هذا السياق، نوجه نداءً إلى المنظمات الدولية والمحلية، والمغتربين، والتجار الوطنيين، لتوجيه دعمهم نحو مشاريع التنمية المستدامة، وعلى رأسها إصلاح الطرقات الرئيسية والداخلية، والتي تعتبر شريانًا حيويًا لحياة المواطنين. إذ لا يمكن الحديث عن تنمية أو سلام دون بنية تحتية صالحة تحفظ الأرواح وتيسر الحركة وتربط بين المناطق المختلفة.

فتح الطرقات لا يعني فقط فك العزلة، بل إنقاذ الأرواح التي تفقدها الحوادث يوميًا بسبب رداءة الطرق، ولهذا نؤكد ضرورة الإسراع في دعم وتأهيل الطرق الدولية أيضًا، لضمان سلامة التنقل وضمان وصول الخدمات الإنسانية والتنموية.

شكر وتقدير لكل من ساهم في تحقيق هذا الإنجاز#

كل الشكر والتقدير للقيادة العليا في الدولة، ومحافظ محافظة الضالع، وقائد الحزام الأمني، وقيادات المجلس الانتقالي، الذين قدموا جهودًا جبارة في سبيل إعادة فتح الطريق وتحقيق الأمن. هذا الإنجاز لا يخص جهة أو حزبًا أو قبيلة، بل هو مكسب للوطن كله.

كما نشكر كل أفراد المجتمع الذين صبروا، وساندوا، وتعاونوا في تنفيذ هذه الخطوة المفصلية، مؤكدين أن الجميع شركاء في البناء والنجاح.

خطوات إضافية نحو تعزيز الأمن والخدمات#

ومن ضمن التطورات الإيجابية، تم مؤخرًا تجهيز فريق شرطة نسائية لتوفير بيئة أكثر أمنًا وإنصافًا لجميع المواطنين، لا سيما النساء، كما تم تجهيز مرافق صحية (حمامات عامة للرجال والنساء) في النقطة الفاصلة بمنطقة منظمة الصراع، إلى جانب التحضير لإنشاء عيادة طبية للإسعافات الأولية بدعم من منظمات إنسانية.

العمل جارٍ أيضًا على التنسيق مع الجهات المختصة لاستمرار الدعم وتمديد هذه الخدمات إلى مختلف مناطق الضالع وغيرها من المحافظات، دون أي تمييز.

شباب الضالع... منارة أمل وسفراء سلام#

تحت راية "السلام المجتمعي"، يواصل فريق إشراق الشبابي في الضالع نشاطه الملهم، وهو نموذج حي لروح المبادرة والتلاحم بين الشباب، حيث يسعون جاهدين للقضاء على العنصرية والمناطقية، وبناء جسور التفاهم بين مكونات المجتمع.

وندعو من خلال هذا المنبر، كافة الشباب في جميع المحافظات إلى الاقتداء بهم، والانخراط في أنشطة السلام، والتنمية، وخدمة مجتمعاتهم بوعي وانتماء حقيقي.

ختامًا: من قلعة الصمود... انطلقنا نحو السلام#

في هذه المرحلة المفصلية، لا يسعنا إلا أن نؤكد أن السلام الحقيقي يبدأ من الداخل، من العمل المشترك، ومن إصلاح ذات البين، وتقديم المصلحة العامة على الذاتية والفئوية.

من الضالع – قلعة الصمود – انطلقت خطوات السلام الأولى، وسنواصل السير بخطى ثابتة نحو تحقيق التنمية المستدامة، في وطن يستحق منا كل تضحية وجهد.