فرضت مليشيا الحوثي، مؤخرًا، قيودًا صارمة على حفلات الأعراس في العاصمة صنعاء، ضمن سلسلة متواصلة من الإجراءات التي تُفسَّر على نطاق واسع بأنها استهداف متعمد لمظاهر الفرح والموروث الشعبي اليمني، في محاولة لفرض نمط اجتماعي متشدد يتماشى مع توجهاتها الأيديولوجية.

وجاءت هذه الخطوة من خلال تعميم رسمي صادر عن “الإدارة العامة للعمليات” التابعة للمليشيات، وُجه إلى مدير أمن العاصمة ومديري المديريات، ويقضي بمنع استخدام مكبرات الصوت الخارجية خلال الأعراس في الشوارع، مع قصر الصوت على السماعات الداخلية داخل القاعات فقط.

كما نصّ التعميم على إلزام أصحاب القاعات بإغلاقها في موعد أقصاه العاشرة مساءً، اعتبارًا من يوم الأحد، تحت مبرر تقليص “الإزعاج”، ولـ”تلبية مطالب مجتمعية متكررة”، وفق تعبير الوثيقة.

وذهب التعميم إلى أبعد من ذلك، بحظر تأجير القاعات لأي فعالية تقام بعد هذا التوقيت، موجهًا الجهات المعنية بتشديد الرقابة على تنفيذ التعليمات، في خطوة اعتبرها ناشطون انتهاكًا صارخًا للحريات الشخصية والتقاليد الاجتماعية الراسخة.

في السياق، أثار القرار موجة من الانتقادات، أبرزها ما جاء على لسان الناشط اليمني وليد العمري، الذي تساءل ساخرًا: “إذا كانت هذه التعليمات استجابة للمجتمع، فهل سيتم تطبيقها على سيارات المليشيات التي تجوب الشوارع يوم الجمعة وهي تبث الزوامل والشعارات عبر مكبرات صوت تصمّ الآذان؟”.

وأضاف: “وماذا عن مكبرات المساجد التي تردد شعارات سياسية وأدعية بصوت مرتفع قبل الفجر وبعده؟ لماذا لا يُعدّ ذلك إزعاجًا أيضًا؟”.

وتابع العمري قائلاً إن الأعراس في اليمن تقام منذ عقود على هذا النحو، وإن المظاهر التي يجب أن تُقيد فعلًا هي تلك المرتبطة بأنشطة المليشيات ذات الطابع الدعائي والسياسي، لا الفرح الشعبي.

ويرى مراقبون أن هذا القرار يأتي ضمن نهج أوسع تتبعه المليشيا لتكريس سلوك اجتماعي منغلق، وفرض ثقافة دخيلة تهدف إلى طمس الطابع الفلكلوري والعادات الاجتماعية التي تمثل روح اليمنيين وهويتهم الأصيلة.

ويؤكد هؤلاء أن التضييق على الأعراس ليس سوى جزء من مشروع أيديولوجي متكامل تسعى المليشيات من خلاله إلى إعادة تشكيل المجتمع اليمني بما يتوافق مع رؤيتها الطائفية، في ظل تجاهل تام لمعاناة المواطنين المتفاقمة تحت سلطتها.