تفاصيل الخبر | اهم الاخبار
قرار هادئ أنقذ عدن والخليج من أن تصبح جزءاً من الهند... كيف غيّرت ورقة إدارية مصير المنطقة؟
345 قراءة  |

في شتاء عام 1956، حطّ المراسل البريطاني ديفيد هولدن رحاله في البحرين، التي كانت آنذاك تحت الحماية البريطانية. وبينما كان يتجوّل بين دبي وأبوظبي وصولاً إلى عُمان، كان يشعر أن شيئًا ما غير طبيعي يربط هذه الأماكن بالهند أكثر مما يربطها ببريطانيا نفسها.

في كل زاوية، كانت آثار الإمبراطورية البريطانية-الهندية حاضرة: الخدم يُنادون بألقاب هندية، والغسّال يُسمى "دوبي"، والحارس "تشوكيدار"، وأيام الأحد لا تكتمل دون طبق كاري ضخم يُقدَّم تقليديًا للضيوف. حتى في عُمان، كان السلطان يتحدث الأردية بطلاقة أكبر من العربية، بعد أن تلقى تعليمه في راجستان الهندية.

أما في عدن، فكان حاكمها البريطاني يصف الوضع بقوله: "كأن الزمن توقف هنا منذ سبعين عاماً، والملكة فيكتوريا لا تزال على العرش، وكيبلينغ يكتب نصوصه الساخرة".

ما لم يدركه كثيرون حينها أن أكثر من ثلث الجزيرة العربية، من عدن إلى الكويت، كانت تُدار فعلياً كامتداد للإمبراطورية الهندية، وتخضع لسلطة نائب الملك في دلهي. بل إن "قانون التفسير" البريطاني لعام 1889 اعتبر هذه المناطق جزءاً قانونيًا من الهند، لدرجة أن قائمة الولايات الهندية الأميرية كانت تبدأ باسم "أبو ظبي".

حتى جوازات السفر الهندية كانت تُصدر في عدن، التي كانت تُدار كجزء من ولاية بومباي، وأطلق عليها غاندي لقب "الميناء الغربي للهند" خلال زيارته عام 1931.

لكن في 1 أبريل 1937، جاء التغيير الحاسم: صدر قرار إداري بفصل عدن عن إدارة الهند البريطانية، لتصبح جزءًا من التاج البريطاني مباشرة. وبعدها بعشر سنوات فقط، وتحديداً في أبريل 1947، تم فصل بقية دول الخليج عن الهند، قبل أشهر قليلة من استقلال الهند وتقسيمها إلى دولتي الهند وباكستان.

كان ذلك القرار مفصلياً، لكنه مرّ بهدوء غير معتاد. فلو لم يُنفذ، لربما أصبحت الإمارات والبحرين وقطر والكويت اليوم ولايات هندية أو باكستانية، على غرار حيدر آباد أو جايبور.

حين طرح رئيس الوزراء البريطاني كليمنت أتلي فكرة انسحاب شامل يشمل الخليج مع الهند، جاءه الرد بالرفض القاطع. وهكذا، احتفظت بريطانيا بسيطرتها على الخليج 24 عاماً إضافية، حتى انسحبت نهائياً عام 1971.

وظلّت الروبية الهندية عملة الخليج، والضباط البريطانيون المقيمون يديرون المنطقة عبر سلك سياسي مرتبط بإدارة دلهي، حتى اللحظة الأخيرة.

اليوم، نادراً ما يُستحضر هذا التاريخ المعقد. في الذاكرة الجماعية، تُذكر العلاقة مع بريطانيا، لا مع الهند. لكن الذاكرة الشعبية لم تنسَ. ففي عام 2009، روى الباحث بول ريتش قصة رجل قطري مسن لا يزال يتذكر يوم ضُرب لأنه سرق برتقالة من موظف هندي كان يعمل لدى الوكيل البريطاني، قائلاً: "كان الهنود طبقة متميزة في شبابي، وقد أسعدني أن الزمن دار، وأصبحوا اليوم خدمًا في الخليج".

مفارقة مذهلة: دبي، التي كانت في يوم من الأيام نقطة هامشية في إمبراطورية الهند البريطانية، أصبحت اليوم مركزًا عالميًا، تحتضن ملايين الهنود والباكستانيين... دون أن يدرك أغلبهم أن بلادهم كادت، في لحظة ما، ترث الخليج كله.

كل ذلك تغيّر بقرار إداري بسيط، لم يُدرك أحد حينها أنه سيُغيّر التاريخ.

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك
جهينة يمن | 537 قراءة 

عاجل : الكشف عن قرارات جمهورية وتغييرات مرتقبة ضمن ترتيبات المرحلة


المرصد برس | 416 قراءة 

قال اللواء أحمد سعيد بن بريك، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، إن القيادي عبدالناصر الوالي،


نافذة اليمن | 386 قراءة 

وسط تصعيد قتالي ينذر بجولة جديدة من المواجهات الدامية، دفعت ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من الن


المرصد برس | 334 قراءة 

مرحباً بكم في مملكة الخير .. السعودية تفتح أبوابها لأبناء 60 دولة، وتستعد للسماح لهم بدخول


المشهد اليمني | 302 قراءة 

لقي شاب يمني مصرعه، برصاص مسلحين قبليين، خلال مشاركته في وساطة قبلية لإنهاء نزاع بين أسرتين متخاص


جهينة يمن | 300 قراءة 

صدور توجيهات بمنع تسليم الحوالات لهؤلاء بصنعاء


جهينة يمن | 287 قراءة 

لن تصدق كيف تم قتله ...مقتل وسيط قبَلي يُفجر غضب خولان بصنعاء "صورة"


المشهد اليمني | 272 قراءة 

حذر منتدى مراقب الشرق الأوسط التابع لمعهد أمريكان إنتربرايز في مقال للكاتب مايكل روبين، من أن قطع


وطن نيوز | 246 قراءة 

صدر اعلان اتفاق جديد بين الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في العاصمة المؤقتة عدن، وحكومة جماعة الحو


المرصد برس | 245 قراءة 

كشفت منصة “ديفانس لاين” المتخصصة في الشؤون العسكرية، تفاصيل جديدة حول طبيعة الأهداف التي