شهدت العاصمة اليمنية صنعاء خلال الأيام العشرة الماضية تصعيدًا غير مسبوق في القبضة الأمنية التي تفرضها مليشيا الحوثي على المجال الرقمي، وذلك من خلال تنفيذ حملة اعتقالات ومداهمات طالت عشرات من مشغّلي شبكات الإنترنت المحلية في الأحياء السكنية. وتأتي هذه الحملة على خلفية اتهامات باستخدام أجهزة الإنترنت الفضائي "ستارلينك"، التي أعلنت الجماعة مؤخراً حظرها بشكل كامل، واعتبرتها أداة اختراق سيادي وتهديداً أمنياً.
تحذيرات ووعيد
بحسب مصادر محلية، أصدرت وزارة الاتصالات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تعميمات وتحذيرات شديدة اللهجة لمشغلي الشبكات الأهلية، منحتهم فيها مهلة قصيرة لتسليم أجهزة "ستارلينك"، تحت طائلة العقاب. وادعت الوزارة أن استخدام هذه التقنية الفضائية يشكل "تهديداً أمنياً واقتصادياً"، ووصفتها بأنها "خطر سيادي يخدم مصالح استخباراتية أمريكية وإسرائيلية".
ويعكس هذا الخطاب التصعيدي رغبة الجماعة في شرعنة الحملة القمعية ضد مزودي الإنترنت المحليين، والظهور بمظهر الحامي للسيادة الوطنية، في وقتٍ تتزايد فيه الاتهامات بأن الدوافع الحقيقية تكمن في مصالح اقتصادية بحتة.
دوافع اقتصادية مموهة بالشعارات السيادية
مصادر مطلعة أكدت لـ"المنتصف" أن الحملة الحوثية ضد شبكات الإنترنت الأهلية لا ترتبط فقط باعتبارات أمنية، وإنما ترتكز أساساً على دوافع مالية. فالشبكات المحلية التي تعتمد على الإنترنت الفضائي – خصوصاً "ستارلينك" – توفر خدمات سريعة ومستقرة وخارج الرقابة، ما جعلها تحظى بإقبال شعبي واسع، ويدرّ على أصحابها أرباحاً لا تخضع لهيمنة الحوثيين.
وتخشى الجماعة أن تستمر هذه الشبكات في استنزاف أرباح مزود الخدمة الرسمي "يمن نت"، الذي تحتكره وتستخدم عائداته في تمويل أنشطتها العسكرية والإعلامية. وتسعى المليشيا حالياً إلى إعادة إحكام السيطرة على سوق الإنترنت بالكامل، من خلال إقصاء كل البدائل التقنية الحرة.
تقنيات التتبع والاعتقال
وأوضحت المصادر أن المليشيا استخدمت خلال الحملة أدوات تقنية متطورة لرصد حجم البيانات المتداولة في مناطق محددة، ومقارنتها مع بيانات الاستهلاك المسجّلة لدى "يمن نت". وسمح ذلك بتحديد الشبكات التي تعمل خارج النطاق الرسمي، وتعقّب أماكن تركيب أجهزة "ستارلينك"، ما مكّن فرق التفتيش والاقتحام التابعة للحوثيين من تنفيذ مداهمات مفاجئة واعتقالات واسعة في عدد من أحياء العاصمة.
وبحسب إفادات سكان محليين، رافقت الحملة ممارسات تعسفية من بينها مصادرة المعدات التقنية، واحتجاز المشغلين لأيام دون توجيه تهم قانونية واضحة، إضافة إلى فرض غرامات مالية باهظة.
رقابة مشددة وسط بدائل تقنية مقاومة
تندرج هذه الحملة ضمن سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى فرض رقابة صارمة على الفضاء الرقمي في مناطق سيطرة الحوثيين. وسبق أن أغلقت الجماعة مواقع إلكترونية، وفرضت رقابة مشددة على المحتوى الإعلامي، وحدّت من الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي من خلال تقنيات الحجب والتصفية.
لكن في المقابل، ازداد إقبال اليمنيين، خاصة في المدن، على استخدام أدوات تجاوز الحظر، أو اللجوء إلى خدمات الإنترنت الفضائي، لما توفره من حرية وسرعة واستقلالية عن رقابة "يمن نت". وقد باتت هذه الحلول تمثل تهديداً حقيقياً للهيمنة التقنية التي تسعى الجماعة إلى فرضها.
خلاصة وتداعيات
تمثل الحملة الأخيرة ضد مشغلي شبكات الإنترنت باستخدام أجهزة "ستارلينك" امتداداً لمسار طويل من التضييق الرقمي الذي تمارسه مليشيا الحوثي، حيث تحاول بكل الوسائل كبح أي شكل من أشكال الاتصال الحر والمستقل. كما تعكس هذه التحركات أزمات أعمق تعاني منها الجماعة، سواء من ناحية تراجع الموارد الاقتصادية أو فقدان السيطرة على قنوات تدفق المعلومات.
وفي ظل هذا المشهد، تتزايد المخاوف من أن تتحول الفضاءات الرقمية في اليمن إلى ميادين صراع جديدة، يكون ضحاياها في الغالب مواطنين يبحثون فقط عن وسيلة اتصال آمنة وسريعة تتيح لهم ممارسة حقهم في الوصول إلى المعلومات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
عاجل : توسع رقعة الاشتباكات في مأرب عقب اقتحام معسكر الرئاسي واستهداف قوات الجيش
الكشف عن حدوث عملية غدر ادت لمقتل عدد من الجنود واشتعال الاشتباكات في مأرب الليلة
صنعاء (الجمهورية اليمنية) - وجه زعيم “أنصار الله” الحوثيين عبدالملك الحوثي، دعوة عا
أثار الشاب اليمني عبدالفتاح عمر إعجاب الكثيرين بفضل موهبته الاستثنائية في الترجمة بعدد من اللغات، حي
نشر الصحفي ماجد الداعري منشورًا على صفحته في فيسبوك، علق فيه على فيديو أمجد خالد الذي هدد فيه قيادات
في تطور مفاجئ وغير متوقع، شهدت محافظة مأرب ليلة أمس تصعيداً أمنياً حاداً بعد أنباء عن اقتحام قوات
كشفت المملكة العربية السعودية عن سلسلة من التعديلات الجديدة المتعلقة بإقامة زوجات المقيمين قامت بأمر
توفي الفنان اللبناني يوسف أبو حمد، أحد أعضاء فرقة "رند" الموسيقية، صباح اليوم الأربعاء، قبل ساعات من
أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الخميس، أنه طلب من إيلون ماسك مغادرة منصبه على رأس هيئة الكفاءة، و