تحلّ اليوم الأحد، الـ25 من مايو 2025، الذكرى العاشرة لتحرير محافظة الضالع من مليشيات الحوثي وصالح، في محطة تاريخية تجسّد روح التضحية والفداء، وتعيد إلى الأذهان أولى شرارات النصر التي أضاءت الجنوب من بوابة الضالع.

وكان في مثل هذا اليوم من العام 2015، أعلن القائد العام للمقاومة الشعبية الجنوبية،المناضل  اللواء شلال علي شائع، انطلاق عملية "عاصفة الضالع"، لتحرير المحافظة من مليشيات الحوثي وصالح  بعد اجتماع حاسم عقده مع قيادات المقاومة وكتائب الشهداء بمدينة الضالع، تم خلاله توزيع المهام بدقة، لتنطلق العملية منتصف ليل الـ25 من مايو، معلنة بدء معركة التحرير الكبرى.

العملية بدأت في منتصف ليلة الخامس والعشرين، بقطع خطوط الإمداد على مليشيات الحوثي وصالح  المتمركزة في معسكر الجرباء ولواء عبود، قبل تنفيذ كمائن نوعية عند محطة الشنفرة ومنطقة الجليلة، تم خلالها أسر عدد من العناصر الحوثية والعفاشية  واغتنام آليات ومعدات عسكرية.

الهجوم تواصل بشكل متزامن ومن عدة محاور، حيث تقدّمت كتائب الشهيد فارس الضالعي من وسط المدينة باتجاه موقع الخزان، بالتوازي مع المقاومة الجنوبية التي يقودها اللواء عيدروس الزبيدي من اتجاه منطقة زبيد حتى تم تحرير الموقع بالكامل ، بينما شنت كتائب الشهيد أياد الخطيب التابعة للمقاومة الشعبية الجنوبية هجوماً خاطفاً على مواقع المليشيات الحوثية والعفاشية في  مفرق الجمرك، أسفر عن السيطرة على إدارة الأمن وموقع القشاع، وفتح البوابة الرئيسية لمعسكر الجرباء ، تزامناً مع الهجوم الواسع التي نفذته كتائب الشهيد علي عبداللاه بقيادة عمار أبوعلي ، على مقر الأمن المركزي ولواء عبود (اللواء 33 مدرع) وموقع المظلوم وتمكنت من تحريرها بالكامل .

اللواء شلال علي شائع كان في الخطوط الأمامية يقود العمليات ميدانياً، بالتنسيق المشترك مع بقية فصائل المقاومة الجنوبية  حتى وصل إلى معسكر الجرباء والقشاع من الجهتين الشرقية والشمالية، وهي كانت نقطة التقاء فصائل المقاومة المختلفة وبحلول اليوم الأول من "عاصفة الضالع"، سقطت أهم المواقع الاستراتيجية: الخزان، القشاع، الجرباء، المظلوم، مقر الأمن المركزي، والتلال المطلة على الخط العام ،  كدار السمين والسوداء وموقع شحذ، التي تطل على مدينة الجليلة، و استمرت عملية التحرير في الأيام التالية، لتصل ذروتها بتحرير مدينة سناح وطرد آخر عناصر مليشيات الحوثي وعفاش من الضالع في 8 أغسطس 2015.

القائد شلال شائع برز كمهندس التحرير وقائد المعركة، بإشرافه المباشر على توحيد فصائل المقاومة، من كتائب الشهيد فارس، إلى كتائب الشهيد أياد، وموقع العرشي الأسطوري الذي صمد في وجه العدو، واستشهد فيه القائد علي عبداللاه وآخرون ، وقد كان للتحرك المتزامن لفصائل المقاومة من مديريات الشعيب، الحصين، حجر، والأزارق، جحاف الأثر البالغ في انهيار دفاعات المليشياث الحوثية والعفاشية.

كما شاركت عدد من فصائل المقاومة الجنوبية بتنسيق مشترك في عمليات اقتحام مواقع الخزان من اتجاه زبيد، ومعسكر الجرباء من الجهات الشرقية، ما مهّد لتحرير مواقع القشاع والبنك واللواء 33، بعد إحكام الحصار وقطع الإمدادات ، بالاضافة الى مشاركة  شباب المقاومة الشعبية الجنوبية من مناطق الحود وجحاف في الهجوم والقصف المدفعي لتحرير معسكرات الأمن المركزي والمظلوم .

المعارك التي توسعت رقعتها وامتدت لاحقاً إلى مواقع مطلة على مناطق  خوبر، الوبح، جلاس، ومعسكر الصدرين بمريس ، بقيادة الشيخ محمد حسين الخيلي في الشعيب، والقائد شلال الشوبجي في حجر، وقادة ميدانيين أمثال اللواء سيف سكره وأحمد الجمل وأحمد قائد القبة واخرين  لتكتمل أركان  "عاصفة الضالع" وتتحول إلى نموذج نضالي يُدرّس في ساحات المقاومة الجنوبية.

لاحقاً، وُضعت خطة شاملة لاستكمال تحرير محافظة الضالع بقيادة شلال شائع، شملت تحرير  الشريط الحدودي ومبنى المحافظة في سناح، وفتح معسكرات تدريب ضمت أكثر من 3000 مقاوم من مختلف المديريات،  تزامناً مع ذكرى احتلال الجنوب في 7 /7 1994، جاء الرد من ابطال المقاومة الشعبية الجنوبية حاسماً في 8 /8/ 2015، بإعلان التحرير الكامل وطرد آخر جندي من مليشيات الحوثي وعفاش من أرض الضالع.

سياسيون وناشطون جنوبيون اعتبروا هذا النصر تحولاً استراتيجياً، وهزيمة قاسية لمليشيات الحوثي وقوات اللواء 33 مدرع بقيادة الموالي لصالح، المجرم عبدالله ضبعان،  فقد مثل تحرير الضالع ضربة مبكرة وموجعة للمشروع الإيراني في الجنوب ، وأثبت أن الضالع بوابة الجنوب الشمالية عصية على الغزو والاحتلال .

وأكد الناشطون أن النصر لم يكن ليتحقق لولا التخطيط الدقيق والتنسيق العالي بين قادة فصائل المقاومة، والتضحيات الجسيمة التي قدّمها أبناء الضالع والجنوب عامة، والتي كانت الشرارة الأولى لتحرير باقي محافظات الجنوب ، وترسيخ ثقافة المقاومة ومكافحة الإرهاب.

كما أشاروا إلى وقفة أبناء يافع وردفان ولحج والجنوب كافة إلى جانب الضالع، في ملحمة بطولية أثبتت أن الجنوب جسد واحد، وأن كل محاولة لغزو أرضه مصيرها الفشل والهزيمة، كما حدث مع جحافل الحوثيين وصالح في 2015.

هذا وتعتبر عاصفة تحرير الضالع لم تكن مجرد معركة، بل كانت إعلاناً صريحاً أن إرادة الجنوب ومقاومته الباسلة  لا تقهر، وأن التاريخ يُكتب عندما يتوحد الشعب خلف قضية عادلة وقادة استثنائيين، مثل اللواء شلال شائع ورفاقه.