بلال غلام

منذ القدم، شكلت عدن نموذجًا إنسانيًا فريدًا انعكس على سلوك أبنائها ومسؤوليها، حيث كان المسؤول العدني يكرس جهده بإخلاص وتفانٍ لخدمة الناس، معتبرًا ذلك واجبًا أصيلاً لا مِنة فيه.

وفي ظل أزمة المياه الحادة التي تعاني منها منطقة شعب العيدروس في وقتنا الحاضر، وتفاقمها بسبب التوسع العشوائي، أضع بين أيديكم لمحة مختصرة عن النشأة الأولى لمشروع مدينة جديدة في "وادي العيدروس" وهو الاسم القديم للمنطقة التي أُعيدت تسميتها لاحقًا إلى "عدن الجديدة".

ففي أربعينيات القرن الماضي، قام المهندس البريطاني ونتر، المنتدب من أمانة ميناء عدن، بالإشراف المباشر على تنفيذ مشروع إسكان متكامل في هذه المنطقة، فتحولت إلى مدينة جديدة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، من حيث التخطيط والبنية التحتية والخدمات.

ولمعالجة أزمة المياه المزمنة التي كانت تؤرق سكان شعب وجبل العيدروس، تقدم الحاج أبوبكر كُعدل بمقترح إلى المجلس البلدي يهدف إلى توفير مياه الشرب لآلاف المواطنين .. وعلى الفور، باشرت الجهات المختصة في المجلس البلدي العمل بجد واجتهاد حتى استكمل المشروع بنجاح.

وفي العاشر من ديسمبر عام 1959م، جرى تدشين المشروع في احتفال مهيب برعاية فضيلة السيد زين العيدروس، منصب عدن آنذاك، وبحضور نخبة من أعضاء المجلس البلدي، منهم: محمد علي باشراحيل، أبوبكر كعدل، وصالح محمد فضل القعر، بالإضافة إلى عدد من أعضاء المجلس التشريعي، وشخصيات اجتماعية بارزة، وجموع غفيرة من أهالي المدينة الذين غمرتهم مشاعر الفرح والامتنان .. وقد عبّر الأهالي عن تقديرهم العميق للحاج كعدل، وقدموا له هدية رمزية تكريمًا لجهوده.

لقد جسّد هذا العمل مثالاً على النُبل والمسؤولية، حيث كان أبناء عدن – ممن تصدوا للعمل العام، ويتسابقون في خدمة مدينتهم، يبيتون على همّها ويستيقظون على طموحها، فارتقت بجهودهم وتفانيهم إلى مصافّ المدن المتقدمة.

بلال غلام حسين

12 إبريل 2025م