أعد الحوار لـ”يمن ديلي نيوز” علي العقبي:
في رحلة إبداعية بدأت مع شغفه الكبير منذ الصفوف الأولى من دراسته الابتدائية بالفن التشكيلي، ولدت موهبة الفنان ناصر مرحب ليصبح واحداً من أبرز الأسماء في هذا الفن على مستوى البلاد.
أسس مرحب “بيت الفن” في محافظة المحويت، وحصد العديد من الجوائز المحلية والدولية، وأصبح واحداً من أهم الفنانين التشكيليين الذين لاقت أعمالهم اهتماماً واسعاً للكتاب والصحفيين والمهتمين بالرسم.
في هذا الحوار مع “يمن ديلي نيوز” يروي الفنان ناصر مرحب كيف تأثرت ريشته ولوحاته بجمال الطبيعة في مسقط رأسه، وكيف نجح في توثيق التراث اليمني والهوية الفنية من خلال أعماله ونقله لمعاناة الناس في رسم بعض اللوحات الفنية المعبرة.
إلى الحوار:
• بداية لو تحدثنا كيف بدأت رحلتك مع الفن التشكيلي؟ ومتى اكتشفت شغفك؟ ومن كان له الدور الأكبر في دعم مسيرتك الفنية؟
في الحقيقة، لا يمكن أن تحدد بداية لموهبة الفنان، لأن الموهبة أعتبرها جزءاً من سلوك وتصرف الفنان منذ نعومة أظافره، تجد لديه ميوله. بل يعتبر اللعب لدى الطفل جزءاً من هوايته وموهبته، وتعبيراً عن عالمه، وقد لا يدرك أنه مشروع مبدع أو فنان.
ينمو الطفل ليكون الفن جزءً من هذا النمو، ومن يكتشفه هو المتلقي. والدي كان يشيد برسوماتي، وهو أول من شجعني، لكنه كان يخشى أن يطغى الرسم على التعليم ويسبب لي إحباطاً أو تراجعاً عن مواصلة دراستي.
كذلك المعلمون كانوا يثنون على أعمالي ويظهرون إعجابهم بما أنتجته من أشكال أو مشاهد.
• كيف تصف أسلوبك الفني؟ وما الذي يميز أعمالك عن غيرك من الفنانين؟
لا يمكن أن يصف فنان أسلوبه بمعنى المدح، لكن ربما يتحدث عنه وعن الاتجاه الذي يميل إليه أكثر. والحقيقة أنني لم ألتزم بأسلوب فني معين.
كانت بداية عملي هي الأسلوب الواقعي كمحاولة للإتقان ودراسة وتشريح الأشكال، ثم انتقلت إلى التأثيرية. كنت أعجب بلوحات مونيه وسيزان ورسمهما للطبيعة اللحظية للضوء والظل، ورسمت لوحات من التراث والطبيعة اليمنية، متأثراً بهما.
بعد ذلك انتقلت إلى التكعيبية ونفذت بعض الأعمال، وكنت مع مجموعة من الفنانين الشباب، كل واحد منا يحاول أن يكون له أسلوب خاص، لكن أعمالنا كانت متأثرة بفنانين عالميين.
• عن فن المنمنمات وأعماله، ما الذي دفعك للتركيز على هذا الفن؟ وما الرسالة التي تسعى لنقلها من خلال هذا النوع من الفن؟
بالنسبة لفن المنمنمات، ركزت اهتمامي به في الآونة الأخيرة، حيث وجدت أن الاهتمام بهذا الفن كان نادراً في بلادنا، رغم أنه فن أصيل من تاريخنا وتراثنا العربي الإسلامي.
الذي يتأمل الآثار يجد أسلوب هذا الفن في أشكاله من حيث أسس بناء الأعمال الفنية، والتي تظهر من خلال المصغرات والزخارف والإتقان.
يجب الاهتمام بهذا الفن ليكون لبلادنا مساهمة في هذا الفن الجميل، وحتى لا يكون حكراً على فنانين بعض الدول. ولهذا رسمت هذا الفن وشاركت في مهرجانات دولية.
• كيف ترى مستقبل فن المنمنمات في اليمن؟
الفن التشكيلي بشكل عام لا يلقى اهتماماً، وثقافة النص البصري في الجمهورية اليمنية متدنية. وهذا يعود إلى عوامل كثيرة، منها دور الإعلام، وعدم الاهتمام بمادة التربية الفنية في التعليم.
• كيف أثرت بيئة المحويت وجمال طبيعتها على أعمالك؟ وكيف توظف الطبيعة في تفاصيل فنك؟
محافظة المحويت، إلى جانب ما حباها الله من جمال الطبيعة وسحر المناظر وتنوع التضاريس، كونت جمالاً منسجماً ومتكاملاً مع روائع البنيان وشامخات القصور والحصون والآثار التي خلدها الآباء والأجداد وجعلها من أجمل المناظر السياحية في الجمهورية. وزادها حسناً ما تمتلكه من إرث ثقافي وفني.
وكل هذه المميزات تركت أثراً جميلاً انعكس على إبداعات الفنانين، وأنا أحدهم. وقد وثقت ذلك الجمال بالكثير من الأعمال الفنية واللوحات العديد منها منشوره على صفحتي بالفيسبوك
لوحة لإحدى المناطق الريفية في محافظة المحويت
• حدثنا عن أبرز لوحاتك وأعمالك. اختر لوحة من أعمالك وأخبرنا فكرتها وقصتها.؟
على مدى مسيرتي الفنية، كانت الفرشاة هي جناحي، واللوحة فضائي. حلقت في مدارات رحبة، وكان الفن هو المتنفس الذي يخفف عني الكثير مما يحدث. وأجد فيه ضالتي في التعبير عن كثير من المشاعر.
رسمت الطبيعة، ورسمت التراث، ورسمت الفلكلور. وثقت المناسبات، الأعياد، المراعي، وكنت حيث الأهزوجة والتغاريد. كان للفلاح والزراعة اهتمام ومساحة من أعمالي.
لوحة تجسد جانب من الطقوس الشعبية اليمنية خلال الأعياد
رسمت معاناة الإنسان ودور المرأة في مناحي الحياة كركيزة وأساس للجمال وللبذل والعطاء.
لوحة تجسد جانب من جمال وحياة المرأة اليمنية الريفية
رسمنا عن قضايا المرحلة الحالية ومايعيشه الشعب الفلسطيني من مآسي جراء حرب الاحتلال الإسرائيلي وشاركت لوحة لقت تفاعل وهي توثق معاناة نزوح الغزيين.
لوحة تجسد معاناة سكان غزة جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع
أجد أن كل لوحة حكاية، وفي كل لون قصة، وفي كل ضربة فرشاة وقفة، وفي كل شكل رواية مع الجمال والفن والإبداع. ولهذا تجدني أقفز من أسلوب إلى آخر ومن عنوان إلى عنوان.
أنا أدرك أن على الفنان أن يهندس اللوحة ويصيغ مكوناتها وكأنها رسالة للمتلقي. ولا بد أن أعرف ما يجذبه والمناخ الذي يتقبله ويتعايش معه، ولهذا يقال إن الفنان يرسم، والمتلقي هو من يقرأ اللوحة، هو من يفلسف اللون ويمنطق الشكل ويتحدث عن الهدف والفكرة، كل بحسب ميوله.
اللوحة للمتلقي كالفنجان للقارئ، وكالأغنية للمستمع. هو من يقرأ لمساتها ويطرب مع عزف ألوانها.
• كيف ساعدتك وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لفنك؟ وهل ترى تفاعلاً مختلفاً من جمهورك عبر فيسبوك؟
وسائل التواصل هي الملتقى العالمي الافتراضي الذي أعطانا الفرصة للظهور والمكان المتاح لعرض أعمالنا.
تصور فنان في بلد مثل اليمن لا يستطيع أن ينتقل من مكان إلى آخر أو من منطقة إلى أخرى، وفي مجتمع أصبح همه وفنه وثقافته وأمله وطموحه لقمة العيش. لم يعد يتفاعل مع الفن والإبداع إلا بمقدار ما يهمه. كيف سيكون للفنان بيئة أو مناخ لعرض أعماله أو إظهار إبداعه. لو لم يكن هناك هذا العالم الافتراضي، الذي يتواصل مع العالم من خلاله، لما كانت هناك فرصة للفنان.
أما بالنسبة للتفاعل، فإنه حقيقة ليس بالمستوى المطلوب، لكن يعود ذلك لثقافة الاهتمام والأولوية لدى المتلقي، ولأن أكثر أصدقائنا أو متابعينا من اليمن، تجد الاهتمام أيضاً بمستوى ثقافة واهتمام المتلقي.
• لو تحدثنا عن “بيت الفن” في المحويت؟
بيوت الفن قامت فكرتها على أساس وأهداف رائعة للاهتمام بالفن والفنانين وصقل المواهب وللتدريب وإقامة الورش والمعارض والكثير من الفعاليات التي نظمت منذ تأسيسه وكان منجز وحلم. وبسبب الأحداث والحرب، توقف العمل في بيوت الفن وتوقفت الأنشطة فيه
• ما أبرز أعمالك الفنية التي نشرتها مؤخرًا على فيسبوك؟
مؤخرًا نشرت عدة أعمال كان لها صدى واسع من بينها لوحة بعنوان “نزوح إلى الموت” التي رسمتها عند الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة. وكان ذلك أجمل خبر لهذا العام وشعرت أن من واجبي كفنان أن أقدم هذا الجهد المتواضع لتوثيق حجم المعاناة.
اللوحة منمنمات إسلامية منفذة بألوان مائية على ورق مقهر، وتجسد مأساة النزوح القسري في غزة. لا يدرك عمق هذه المأساة إلا من عاشها.
أيضًا نشرت لوحة “منمنمات لملكة سبأ وتكوين عرش بلقيس” تخيلت القصر وفقًا لوصف بعض كتب التاريخ والتفاسير، مستند إلى مصادر تاريخية وأثرية. استخدمت فيها الألوان الذهبية والمائية بمقاس 50×35 سم في لإبراز الإرث الثقافي والتاريخ لحضارة بلادنا
وكل لوحة من أعمالي تحمل رسالة وأحاول من خلالها توثيق اللحظات التاريخية والموروث الحضاري والثقافي والإنساني بأسلوبي الفني الخاص
• ما نصيحتك للشباب اليمنيين المهتمين بالفن التشكيلي؟
نصيحتي للهواة ومحبي الرسم هي أن يشقوا طريقهم من اتجاهات فنية مختلفة عن الواقعية والأساليب الفنية المكررة التي أصبحت منتشرة بشكل كبير في بلادنا. وأن لا يعتمدوا على تقليد غيرهم من الفنانين في أسلوب فنهم، بل أن يحرصوا على التجديد لا التقليد، حتى يحققوا نجاحاً في حياتهم الفنية. وأيضًا، يجب مواكبة التكنولوجيا وتوظيفها في الأعمال الفنية بما يعود بالنفع عليهم.
ولكي ينجح الفنان، عليه أن يبتكر أسلوباً فنياً وتشكيلات جديدة في المجتمع. وهناك الكثير من الخامات والأدوات متوفرة يستطيع توظيفها في البيئة اليمنية، يستطيع إضافة لمسات عليها مثل الأعمال التراثية والنسيج وحتى في الديكورات، ويستفيد منها. عليه أن يطور عمله الفني ويوظفه أيضًا في الفنون التطبيقية كي يعينه على كسب لقمة العيش. هناك مجالات واسعة تحتاج إلى دراسة وتفكير من قبل الموهوبين للاستفادة منها.
• نبذة عن الفنان ناصر مرحب:
أنا ناصر علي صالح مرحب، مديرية حفاش بمحافظة المحويت، فنان تشكيلي، أعمل مدرساً بالمعهد العالي لتأهيل المعلمين بالمحويت.
أسست “بيت الفن” في محافظة المحويت. وشاركت في حوالي 45 معرضًا فنيًا محليًا ودوليًا.
حصلت على العديد من الجوائز منها جائزة رئيس الجمهورية للفنانين الشباب وجائزة الإيسيسكو للعلوم والثقافة، عضو جمعية الفنانين التشكيليين اليمنيين، والرابطة العربية للفنون التشكيلية.
أقمت العديد من الورش الفنية والأنشطة. هناك الكثير من الدعوات التي تقدّم لي للمشاركة، لكن ظروف البلد أصبحت عائقاً تحول دون ذلك.
مرتبط
الوسوم
فن المنمنات
الفن التشكيلي
الفنان ناصر مرحب
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
في حادثة مروّعة هزّت العاصمة اليمنية صنعاء مساء الأحد، تحوّل سوق “فروه” الشعبي في حي مسي
حذرت دراسة بحثية من أن قوات "درع الوطن" المدعومة سعوديًا تحولت من أداة تدعي دعم الشرعية في اليمن إلى
أقدم مواطن على قتل أصغر أولاده، بحجة تقديمه قربانًا للجن، مقابل الحصول على كنز من الذهب، في محافظ
هز انفجار عنيف مساء الاحد سوق فروة الشعبي وسط العاصمة صنعاء، مخلفًا عشرات القتلى والجرحى , وتضارب
فاجأت شجرة غريب في منطقة دبع غربي محافظة تعز فاجأت سكان المنطقة بعدما انشقت إلى نصفين بشكل مفاجئ، مم