تداولت حسابات وصفحات على منصتي فيسبوك وإكس خلال الساعات الماضية مقطع فيديو زُعم فيه أن القيادي الحوثي محمد علي الحوثي، يناشد السعودية لحماية اليمن من القصف الأميركي والإسرائيلي، وذلك بالتزامن مع الغارات الجوية الأخيرة التي شنها الطيران الأميركي على مدن يمنية. إلا أن التحقيقات أثبتت أن هذا المقطع قديم ومجتزأ، ويُستخدم بشكل مضلل خارج سياقه الأصلي.

التحقق يكشف الحقيقة: لا مناشدة للسعودية

بالبحث والتحقق من الفيديو المذكور، تبين أن "مسبار" صنف الادعاء على أنه مضلل، حيث أن المقطع يعود إلى خطاب ألقاه محمد الحوثي في 22 نوفمبر 2023. في كلمته تلك، لم يناشد الحوثي السعودية، بل انتقدها بشدة واصفًا إياها بـ"العدو الواضح والمعلن"، وذلك بسبب استخدامها لقدراتها العسكرية ضد اليمن، من دبابات وطائرات، إضافة إلى تدخلها في قضايا المنطقة.

محمد الحوثي ينتقد السعودية ويحمّلها المسؤولية

في سياق خطابه، وجّه محمد الحوثي انتقادات لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مطالبًا بموقف واضح ضد إسرائيل، خصوصًا بعد إعلان السعودية منع تصدير السلاح إليها. واعتبر الحوثي أن على السعودية إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية كما تفعل مع الحوثيين. كما شدد على ضرورة تحمّل الرياض مسؤولية مرور أي طيران أو أسلحة عبر أجوائها نحو اليمن، داعيًا إلى توحيد المعايير في التعامل مع النزاعات.

الهجمات الأميركية تثير الجدل.. وتوقيت تداول الفيديو

وجاء انتشار الفيديو المجتزأ بعد شن الطيران الأميركي في 16 مارس الجاري غارات على مناطق متعددة في اليمن، استهدفت مواقع زُعم أنها تابعة للحوثيين. وصرّحت القيادة المركزية الأميركية بأن الغارات كانت "دفاعًا عن المصالح الأميركية وحرية الملاحة". كما نشر حساب البيت الأبيض صورًا للرئيس الأميركي دونالد ترامب في غرفة العمليات خلال تنفيذ الهجمات.

من جانبها، توعدت جماعة أنصار الله الحوثية بالرد على القصف، وأكدت أن استهداف المدنيين في العاصمة صنعاء "جريمة حرب"، مشيرة إلى سقوط قتلى وجرحى.

كيف أُخرج الفيديو عن سياقه الحقيقي؟

ألقى الحوثي خطابه في فعالية رسمية لإطلاق "مشروع السلة الغذائية لأسر الشهداء والمفقودين"، التي أقيمت في ميدان السبعين بصنعاء عام 2023. وخلال كلمته، تناول قضايا إقليمية ووطنية لكنه لم يوجه أي نداء للسعودية لحماية اليمن، بل اتهمها بالعدوان المستمر واعتبرها مسؤولة عن معاناة اليمنيين.

هذا يوضح أن الفيديو المنتشر تم اجتزاؤه لإيهام الجمهور بموقف لم يحدث، بهدف التضليل واستغلال الأحداث الجارية لتشويه صورة الحوثي أمام الرأي العام.

لا صحة لمناشدة الحوثي للسعودية

الادعاء بأن محمد الحوثي طلب من السعودية حماية اليمن من القصف الأميركي ليس إلا تحريفًا للحقائق. الفيديو أُعيد استخدامه خارج سياقه، والحوثي في خطابه الأصلي وجّه انتقادات شديدة للسعودية ولم يتحدث عن أي مناشدة. هذه الحادثة تبرز خطورة تداول المعلومات المجتزأة ودورها في تضليل الرأي العام وسط أزمات مشتعلة.