يمن إيكو|تقرير:

كشف وزير الكهرباء والطاقة في الحكومة اليمنية، مانع بن يمين، السبت، عما أسماه “خارطة طريق جديدة لإصلاحات جوهرية في قطاع كهرباء عدن”، بتمويل مقترح يتجاوز 159 مليون دولار من البنك الدولي، وسط تحذيرات من دوامة فساد جديدة في هذا القطاع الذي تحول خلال السنوات الماضية إلى ثقب أسود من الفساد التهم جزءاً كبيراً من الموازنة العامة والمنح المساعدات والقروض الخارجية، وفق اعترافات الحكومة نفسها.

وحسب ما نشرته وسائل إعلام محلية ورصده موقع “يمن إيكو”، فإن الوزير مانع- لدى افتتاحه ورشة العمل المكرسة لمناقشة مخرجات دراسة” الخطة الرئيسية للطاقة في عدن”- أكد أهمية الشراكة مع البنك الدولي والمؤسسات الدولية والجهات المانحة والداعمة لليمن، والعمل على الاستفادة من مجالات الدعم لتعزيز خطط الوزارة في تطوير القطاع، مشدداً على ضرورة الانتقال من مرحلة التخطيط إلى عملية التنفيذ الفعلي لتلك المخرجات والخطط والمشاريع الاستراتيجية لضمان استدامة الطاقة.

وفي سياق متصل بمساعي التحضير لحشد الدعم المالي الخارجي لتطوير قطاع الكهرباء، بحث وزيرا التخطيط والتعاون الدولي، والكهرباء والطاقة في الحكومة اليمنية- الخميس الفائت أيضاً- مع مديرة البنك الدولي في اليمن دينا أبو غيداء، أوجه الدعم الدولي لمشاريع الطاقة الشمسية في اليمن مؤكدين أهمية تكثيف البعثات الميدانية للبنك الدولي إلى اليمن، وأهمية استمرار الدعم الفني والمادي للقطاع وتعزيز آليات التنسيق مع المانحين لضمان تكامل الجهود وتعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة.

وتطرق الاجتماع- الذي حضره وفد من البنك الدولي، ومؤسسة التمويل الدولية- إلى خطط المرحلة الأولى من مشروع الطاقة الشمسية “شمس” بقدرة إجمالية 25 ميجاوات، موزعة بواقع 10 ميجاوات في محافظة المهرة، و10 ميجاوات في محافظة أبين، و5 ميجاوات في محافظة الضالع، بالإضافة إلى المرحلة الثانية من المشروع والتي ستشهد رفع القدرة الإجمالية إلى 98 ميجاوات لتشمل بقية المحافظات.

هذه الخطة أو خارطة الطريق التي وُصفت بـ”الاستراتيجية”، ليست الأولى فكثيراً ما تحدثت الحكومة عن خطط ومساعدات وقروض خارجية لتنمية قطاع الكهرباء خلال السنوات الماضية، لكن تلك الخطط آلت جميعها إلى الفشل واستمر الفساد المعترف به برلمانياً وحكومياً ينخر في منظومة الطاقة الكهربائية حتى أوصلها إلى أدنى قاع في تاريخها، غير أن الخطير في خارطة الطريق الأخيرة أنها مرتبطة بشكل مباشر بمؤسسات الإقراض الدولية- وعلى رأسها البنك والصندوق الدوليين ومؤسسة التمويل الدولية- التي ستمول مشاريع هذه الخارطة وفق قروض كبيرة يطلق عليها في المباحثات منح ومساعدات وهي ديون بفوائد عالية.

الأهم أن هذا الإعلان جاء وسط تحذيرات الناشطين والمراقبين، مما أسموه “دوامة فساد جديدة تحضر لها الحكومة اليمنية في قطاع الكهرباء الذي تحول في السنوات الماضية إلى ثقب فساد أسود التهم جزءاً كبيراً من الموازنة العامة والمنح المساعدات والقروض الخارجية، وفق اعترافات الحكومة نفسها، غير أن دخول البنك الدولي- الذي أعدت هذه الدراسة الاستراتيجية بنظره، كونه الممول، يعني أن أولى اشتراطاته، ستكون رفع كامل الدعم المتبقي عن خدمة التيار الكهربائي، من أجل سداد الديون الخارجية وفوائدها.

يشار إلى المؤسسة العامة لكهرباء في عدن رفعت في فبراير 2024م سعر تعرفة التيار الكهرباء على الشريحة التجارية بزيادة قدرها 50%، الأمر الذي يفاقم من الأعباء التي يعانيها القطاع التجاري ويهدد بشل أنشطته، ويلقي بتبعاته على أسعار السلع الأساسية والاستهلاكية، في وقت تحولت الكهرباء إلى دوامة تعصف بالموارد الموازنات السنوية والمساعدات الخارجية، حسب اعترافات الحكومة.

وحسب بيان أصدرته الحكومة اليمنية في يونيو 2023م على لسان مصدر مسئول فيها، رداً على اتهامات قيادات المجلس الانتقالي لها بالفساد وعدم المسئولية، فإن الإنفاق الحكومي على توليد الكهرباء في عدن وحدها يبلغ 55 مليون دولار شهرياً ما يعادل 1.8 مليون دولار في اليوم، مؤكدة أن قطاع الكهرباء يستحوذ على أرقام مهولة من موازنة الدولة، مما تحصل عليه الحكومة من الخارج.

وكان محافظ البنك المركزي، أحمد غالب، أرجع في الشهر نفسه خلال مقابلة مع الفضائية اليمنية التابعة للحكومة اليمنية، مشاكل الحكومة وبنكها المركزي إلى الفساد المستشري في قطاع الكهرباء من قبل الحكومة، إلى حد أنها حولت ملف الكهرباء إلى ثقب أسود يلتهم غالبية التمويلات الخارجية والموارد الداخلية.