تفاصيل الخبر | اهم الاخبار
الحلقة الثالثة: المستشرقون واليمن.. رحلة البريطاني “برتون” إلى أرض النقوش والعادات الفريدة
14 قراءة  |

أعد الحلقة لـ”واي دي” محمد العياشي:

يواصل موقع “يمن ديلي نيوز” سلسلته الخاصة عن اليمن في عيون المستشرقين، حيث نسلط الضوء هذه المرة على رحلة المستشرق البريطاني الشهير “ريتشارد فرانسيس برتون”.

برتون، عاش في القرن التاسع عشر (1821-1890)، ويُعد واحدًا من أبرز المستكشفين والمستشرقين الذين زاروا الشرق الأوسط، وتركوا وراءهم إرثًا غنيًا من الكتابات والدراسات التي كشفت عن جوانب عميقة من تاريخ وثقافة المنطقة.

اشتهر “برتون” برحلاته الاستكشافية في إفريقيا والشرق الأوسط، بالإضافة إلى ترجمته الشهيرة لكتاب “ألف ليلة وليلة”.

كما اشتهر برحلته إلى مكة المكرمة متنكرًا كحاج، والتي سجلها في كتابه “رحلات إلى مكة والمدينة”.

لكن رحلته إلى اليمن والتي اقتصرت على “عدن” في عام 1853 كانت أيضًا محطة مهمة في مسيرته الاستكشافية، والاستخباراتية حيث قدم وصفًا دقيقًا لتاريخ اليمن وثقافتها، معبرًا عن إعجابه الشديد بتراثها العريق وطبيعتها الخلابة.

بعد الاحتلال البريطاني صارت عدن نقطة انطلاق للرحلات الاستكشافية والاستخبارية والتبشيرية التي كان الغربيون يقومون بها في سواحل شرق أفريقيا، واختير للأديب والجاسوس البريطاني “بيرتون” مدينة عدن لتكون منطلقا لمهامه الاستخباراتية في سواحل شرق إفريقيا سنة 1854.

في هذه الحلقة، نستعرض انطباعات “برتون” عن اليمن، وما قاله عن تاريخها وحضارتها، بالإضافة إلى ما لفت انتباهه خلال رحلته التي كانت مليئة بالمغامرات والاكتشافات.

“برتون” كان متعدد المواهب كعالم لغات ومترجم وكاتب وجندي ودبلوماسي، قام بعدة رحلات إلى الشرق الأوسط، بما في ذلك رحلته الشهيرة إلى مكة المكرمة متنكرًا كحاج، والتي سجلها في كتابه “رحلات إلى مكة والمدينة”.

في عام 1853، قام “برتون” برحلة إلى اليمن، حيث زار عدة مدن ومناطق، بما في ذلك صنعاء وعدن.

كانت رحلته جزءًا من جهوده لاستكشاف الجزيرة العربية وفهم ثقافتها وتاريخها. قام “برتون” بتسجيل تفاصيل رحلته في كتابه “رحلات إلى مكة والمدينة”، حيث وصف اليمن بشكل مفصل.

وكغيره من المستشرقين أعجب “برتون” بالتراث الثقافي الغني لليمن، العمارة اليمنية التقليدية، خاصة في المدن التاريخية مثل صنعاء، ولفت انتباهه كرم الشعب اليمني وحسن ضيافتهم، حيث قال: “اليمنيون يرحبون بالغرباء ويعاملونهم باحترام وتقدير، مما جعل رحلتي أكثر سهولة ومتعة”.

أعجب “برتون” أيضًا بالطبيعة اليمنية المتنوعة، من الجبال الشاهقة إلى الوديان الخصبة والسواحل الجميلة.

وصف اليمن بأنها “أرض تتمتع بجمال طبيعي فريد”. كما أشاد بالتنوع الثقافي في اليمن، حيث لاحظ أن اليمنيين يحافظون على تقاليدهم وثقافتهم رغم التحديات التي يواجهونها.

قال: “التنوع الثقافي في اليمن هو دليل على قوة شعبها وحضارتها العريقة”.

في كتابه “الحج إلى مكة والمدينة” تحدث عن اليمن كجزء من الجزيرة العربية، مشيرًا إلى أنها تمتلك تاريخًا غنيًا وثقافة متميزة.

وأشار “برتون” إلى اليمن باعتبارها أرضًا ذات تأثير حضاري وتجاري، خاصة في العصور القديمة.

وفي كتاباته عن الشعوب والثقافات العربية وصف اليمن بأنها منطقة تمتاز بتراث ثقافي غني وتأثير كبير على الحضارة الإسلامية.

وأشار إلى أن اليمنيين يتمتعون بسمعة جيدة بين العرب من حيث الشجاعة والكرم.

لفتت انتباه برتون النقوش السبئية والمعينية التي وجدها في اليمن. قام بجمع عدد كبير من هذه النقوش، والتي ساعدت في فك رموز اللغة العربية الجنوبية القديمة.

اعتبر هذه النقوش “دليلًا على التطور الثقافي والفكري لليمن القديم”. كما أشاد بالإرث الثقافي لليمن، حيث وصفها بأنها “أرض الحضارات التي تركت إرثًا ثقافيًا وعلميًا كبيرًا”.

كانت رحلة “برتون “إلى اليمن ذات تأثير كبير على الدراسات الاستشراقية، حيث قدم وصفًا دقيقًا لتاريخ اليمن وحضارتها.

ساعدت كتاباته في كشف النقاب عن العديد من الجوانب الغامضة في تاريخ اليمن، خاصة فيما يتعلق بالحضارات القديمة مثل سبأ ومعين.

كما ساهمت نقوشه التي جمعها في فك رموز اللغة العربية الجنوبية القديمة، مما فتح الباب أمام مزيد من الدراسات الأكاديمية.

أشار “برتون” إلى نبتة القات في كتاباته، واصفًا إياها بـ”شاي العرب”، حيث يُعتقد أن القات ليس نبتة يمنية الأصل، بل دخلت إلى اليمن في القرن الخامس عشر الميلادي .

وقد أشار برتون إلى أن المصريين القدماء استخدموا القات كوسيلة لإطلاق خيالاتهم الإلهية وتصفية أذهانهم للتأمل.

بالإضافة إلى ذلك، ذكر برتون أن عادة مضغ القات كانت منتشرة في المناطق الشمالية لليمن عام 1762، وقد أشار إلى أن القات يُطلق عليه “شاي العرب” .

هذه الملاحظات تُظهر اهتمام برتون بتوثيق العادات والتقاليد المحلية في اليمن، بما في ذلك استخدام القات وتأثيره على المجتمع والثقافة المحلية.

برتون تحدث عن “عزلة اليمن” التي كانت حينها خاضعة للامة الزيديين، حيث وصف اليمن كمنطقة منعزلة جغرافيًا وصعبة الاختراق، بسبب طبيعتها الجبلية الوعرة والقبلية المغلقة.

وأشار إلى أن هذه العزلة جعلت اليمن أقل تأثرًا بالحضارات الخارجية مقارنة ببقية المناطق العربية، مما أدى إلى بطء في تطور البنية التحتية والاتصال بالعالم الخارجي.

وتحدث عن انتشار النظام القبلي في اليمن وتأثيره الكبير على نظام الحكم والمجتمع. وقال إن النزاعات القبلية كانت عائقًا أمام وحدة البلاد، حيث كانت القبائل تتمتع بسلطة كبيرة، مما صعّب على أي حكومة مركزية فرض سيطرتها بشكل كامل.

وأشار إلى أن نظام الحكم في اليمن لم يكن قوياً بما يكفي لفرض سيطرة فعالة على كل المناطق، مما أدى إلى عدم الاستقرار السياسي.

ورأى “برتون” أن الحكم الديني (الإمامة الزيدية في ذلك الوقت) لم يكن دائمًا قادرًا على توفير حكم إداري كفؤ، بسبب التركيز على الجوانب الدينية أكثر من الإصلاحات المدنية.

رغم أن اليمن كانت تاريخيًا محطة تجارية مهمة، إلا أن برتون أشار إلى أن التجارة في عصره لم تكن بنفس الازدهار الذي كانت عليه في العصور القديمة.

اعتبر أن السياسات الاقتصادية المتبعة والاعتماد على الزراعة المحلية فقط حدّ من قدرة اليمن على أن تصبح مركزًا تجاريًا رئيسيًا في المنطقة.

أما الظروف المعيشية فرغم تأكيد “برتون على جمال الطبيعة اليمنية، إلا أنه أشار إلى أن بعض المناطق كانت تعاني من الفقر وقلة الموارد.

تحدث عن نقص البنية التحتية في بعض المناطق، مما جعل الحياة أكثر صعوبة مقارنة بالدول المجاورة.

المستشرق البريطاني “برتون” اهتم أيضا بدراسة تأثير اليمن على الثقافة العربية، خاصة فيما يتعلق باللغة والعادات.

وقال إن اللهجات اليمنية تحتفظ ببعض الخصائص اللغوية القديمة، مما يعكس التأثير اللغوي لليمن في تطور اللغة العربية. متحدثا عن دور اليمن في إثراء الأدب العربي، مشيرًا إلى أن اليمنيين ساهموا في تطوير الشعر والأدب العربي من خلال قصائدهم وحكاياتهم التقليدية.

وأشار إلى أن الفنون التقليدية اليمنية، مثل العمارة والزخرفة، أثرت في الفنون العربية والإسلامية بشكل عام.

وذكر أن موقع اليمن الجغرافي كمركز تجاري قديم ساهم في تبادل الثقافات والسلع بين شبه الجزيرة العربية وأفريقيا والهند، مما أثرى الثقافة العربية بعناصر جديدة.

من خلال كتابات ريتشارد فرانسيس برتون، نرى أن اليمن كانت دائمًا محط إعجاب لغناه التاريخي والثقافي.

لقد أظهر إعجابه بتاريخ اليمن وثقافته أن اليمن هي أرض الحضارات والإرث الثقافي العظيم. انطباعاته الإيجابية تعكس تقديره الكبير لهذه الأرض التي وصفها بأنها “واحدة من أكثر المناطق إثارة للاهتمام في العالم”.

المصادر:

– موقع مهارات

– موقع اسلام اون لاين

– عدن في كتابات الرحالة الفرنسيين

تابعونا غدًا في حلقة جديدة من سلسلة “المستشرقون واليمن”، حيث نستعرض انطباعات مستشرق آخر عن هذه الأرض العريقة.

مرتبط

الوسوم

المستشرقون واليمن

نسخ الرابط

تم نسخ الرابط

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك
المشهد اليمني | 651 قراءة 

شنت مليشيا الحوثي الإرهابية، فجر اليوم الثلاثاء، هجومًا عنيفًا على مدينة مارب من ثلاثة محاور، بال


جهينة يمن | 481 قراءة 

نهاية حقبة التمرد والدماء...توقعات كبيرة بسقوط نظام الحوثيين في هذا التاريخ


جهينة يمن | 319 قراءة 

أنباء عن إسقاط طائرة جديدة


المرصد برس | 311 قراءة 

تداول نشطاء يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا مرئيًا وصف بـ”الصادم” جرى توثيقه ف


جهينة يمن | 284 قراءة 

عاجل : هجوم عنيف على مارب من ثلاثة محاور ومقتل قيادي كبير"الأسماء"


المرصد برس | 283 قراءة 

كشفت مصادر وثيقة الاطلاع، اليوم، عن عزوف كبير من قبل المواطنين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي عن الاست


كريتر سكاي | 259 قراءة 

فقدت الساحة الإعلامية اليمنية أحد أبرز أصواتها برحيل الإعلامي سنان بن نعم،


يمن برس | 257 قراءة 

تصريح جديد ومهم للسفير "آل جابر" يكشف فيه عن مصير خارطة طريق السلام في اليمن !


صوت العاصمة | 241 قراءة 

العاصمة عدن: دولار امريكي= 2348 : 2330 ريال سعودي= 614 : 611 حضرموت: دولار امريكي= 2348 : 2330 ريال


بوابتي | 237 قراءة 

مركز بحثي امريكي يكشف عن ثلاثة سيناروهات محتملة لحكم حضرموت