تفاصيل الخبر | اهم الاخبار
الضمير الفردي مصدر الفعل الأخلاقي
78 قراءة  |

في الفرق بين أخلاق النية وأخلاق الفعل

يعد الكذب والغش والخداع والتزوير والتزييف والمكر والحيلة والتدليس والنصب من القيم الأخلاقية المذمومة عند مختلف الشعوب وفي سائر الثقافات. إذ أن الحياة الاجتماعية لا يمكنها أن تستمر وتستقر وتدوم إذ لم تقوم على أسس من القيم الأخلاقية الفاضلة التي تنطلق من مبدأ؛ إن الانسان والمجتمع الإنساني قيمة عليا يجب أن تحظى بوافر الاحترام والتقدير بوصفه غاية وليس وسيلة. وفي الفلسفة الأخلاقية يعد الكذب والتزوير من أخطر القيم التي تصيب الحياة الاجتماعية بالفساد وتهدد سلامة النظام الاجتماعي بالخراب . وبين الكذب والتزوير تشابه كبير في الشكل والبنية وفي المنطلقات والمقاصد فالتزوير يأتي بمعنى الخداع او الغش والتلاعب من أجل تغيير حقيقة شي ما أو صنع ما يشبهه كإنتاج منتجا لماركة أو طباعة ورق نقدية مزورة مشابهة للنقود الأصلية والهدف هو التحايل على الآخرين ،ومن مظاهر التزوير مايقوم به الاشخاص من عمل يتنافى مع الأخلاق الحميدة كإنتحال شخصية بصفه غير مشروعة أو استبدال ورق مكان ورق آخر كالشهادات والوثائق الرسمية من أجل إثبات صحة اوراق هي في الأساس غير قانونية .الكذب شديد الشبه بالتزوير إذ يكون إما بتزييف الحقائق جزئيا أو كليا واختلاق غيرها أو صياغة روايات وأحداث مختلقة لا تمت للحقيقة بصلة، بنية وقصد الخداع لتحقيق غايات واهداف مقصودة ويقترن الكذب مثله مثل التزوير بعدد من الجرائم الشائعة كالغش والنصب والسرقة والمكر والخيانة والخداع وقد يقترن ببعض المهن أو الادوار مثل السياسة والدبلوماسية أو الحرب النفسية الإعلامية ..الخ.

ويأتي الكذب في مقدمة كل القيم الأخلاقية السئة وهو من يوفر الشرط المسبق للتزوير والغش والخداع وفِي الفلسفة الأخلاقية يعد الكذب سيء، لأن الصدق عموماً هو الجيد إذ لو كذب الجميع في كل ما يقولونه، لاصبحت الحياة صعبةً بشكل كارثيّ، فلن نثق عندها بأيّ أحد، ولن نصدق شيئاً مما نسمع، وسيتوجب علينا العمل على إدراك وتوثيق كل ما يحيط بنا، كما أن الحياة بشكلها هذا لن تكون موضع اهتمام الكاذبين! فما فائدة الكذب إن كان الجميع يكذب؟ الكذب سيء، لأنّه مبني على أساس معاملة من يحيط بنا على أنهم وسيلة لتحقيق غاياتنا، ولن تكون غاية وسيلتها استغلال الأخرين أمراً جيّداً.الكذب سيء، لأنه وتبعاً لكل الديانات السماويّة والوضعيّة ولكل واضعي القواعد الأخلاقيّة يسيء إلى الهبة العظيمة المعطاة للبشر ألا وهي الثقة التي تعززالتواصل فيما بينهم. إذ أن تخاطب الإنسان مع الإنسان يندرج في إطار عقدٍ اجتماعيّ محدّد الشروط، وأهم ما يندرج ضمن بنود هذا العقد هو أن من يتحدّث يجب ألّا يكذب.

وبذلك ينطوي الكذب على مفارقة منطقية وتناقض داخلي في بنيته الجوهرية . إذ إن الكذاب ينطلق من قاعدة إن الناس على وجه العموم لايكذبون بل يصدقون ما يقال لهم لانهم يعتبرون الكذب مذموم! وهو بذلك يناقض ذاته وكذلك هو الموقف عند مزور العملة يعلم مسبقا إن الآخرين لايزورون العملات، بل يمنحونها ثقتهم في تعاملاتهم النقدية المالية ,ومن هنا تكتسب العملة المزورة قيمتها الوحيدة! فاذا كان كل الناس يزورون العملات فلا معنى ولا قيمة للتزوير أصلاً. وهكذا يحرص الكذاب والمزور حرصا شديدا على ترسيخ قيمة الصدق والثقة والأمانة عند الآخرين من زبائنهم الفعليين والمفترضين. واتذكر أنني ذات يوم وقعت في فخ الكذب ضحية نصاب سيارات شهير في عدن يدعى باحكيم حيث كلمني بلغة الدين والأمانة والحساب والعقاب فصدقته ووثقت بها وفِي ظرف ساعتين عرفت أنه نصب عليّ والحكاية طويلة ويعرفها المستشار القانوني الشهير في دولة الامارات العزيز أمين محسن المحبشي الذين علمني بإن القانون لا يحمي المغفلين يحفظه ارحم الراحمين. وهكذا يمكن القول في الختام إن الكذب والتزوير من أقبح القيم الأخلاقية في جميع الثقافات وعند مختلف الشعوب لإنها تقع على الطرف النقيض من القاعدة الأخلاقية العادلة الإنسانية التي تقول: عامل الناس كما تود أن يعاملوك أو عامل أشباهك من الناس كغايات عالية القيمة والتقدير لا سائل وأدوات لتحقيق غاياتك الذاتية السيئة.

وبهذا جاءت دعوة الفيلسوف الألماني انماوئيل كانط في كتابيه :أسس ميتافيزيقا الأخلاق، وفي نقد ملكة الحكم ، أو نقد العقل العملي. دعوته الى قواعد الواجب والأمر الأخلاقي العقلاني المشروطة بالحرية الفردية التي تستوجب حرية الارادة وقدرتها على الأختيار بين المواقف والاحكام القيمية الممكنة. والقواعد الأخلاقية الاساسية هي اولاً: أعمل دائما بحيث يكون في استطاعتك أن تجعل من قاعدة فعلك قانونا كليا للإنسانية.

ثانياً: اعمل دائما بحيث يكون تعامل الإنسانية في شخصك وفي الأشخاص الآخرين كغاية إنسانية عامة لا كمجرد وسيلة لتحقيق غاية شخصية.

ثالثاً: اعمل دائما بحيث تكون إرادتك- باعتبارك كائنا عاقلاً ذي ضمير حر – متوافقة مع مقتضيات العقل في تحمل المسؤولية. وهناك فرق بين أخلاق النية وأخلاق الفعل.

وحينما تسود حرية الإرادة والقدرة على الاختيار تكون المسؤولية الأخلاقية جديرة بالقيمة والاعتبار. والعكس صحيح وهذا موضوع إشكالي في الفكر الأخلاقي العربي الإسلامي يطول شرحه.

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك
بوابتي | 744 قراءة 

وثيقة مسربة تكشف سبب قصف إسرائيل مصنع اسمنت باجل في الحديدة


بوابتي | 715 قراءة 

عاجل.. غارات اسرائيلية تستهدف مطار صنعاء


المشهد اليمني | 677 قراءة 

أطاحت الأجهزة الأمنية بمحافظة حضرموت (شرقي اليمن)، بخلية تجسسية تابعة لمليشيا الحوثي الإرهابية، ف


مندب برس | 570 قراءة 

أثارت تصريحات لنائب وزير الخارجية السفير مصطفى النعمان، خلال جلسة نقاشية في “معهد الشرق الأوسط”، مو


بوابتي | 479 قراءة 

كيف تحوّل أكبر مصنع إسمنت في اليمن إلى منشأة حوثية؟


المشهد اليمني | 444 قراءة 

أعلنت إدارة مكافحة المخدرات بساحل حضرموت إحباط عملية ترويج وتعاطي المخدرات، عقب مداهمة أحد الفناد


العربي نيوز | 391 قراءة 

ورد للتو، أول رد رلجماعة الحوثي الانقلابية، على الغارات الاسرائيلية والامريكية المكثفة والمدمرة لم


المشهد اليمني | 386 قراءة 

برّأت كاميرا مراقبة سائقًا في العاصمة صنعاء من تهمة قتل رجل، بعد أن كشفت التسجيلات المصورة تفاصيل


بوابتي | 385 قراءة 

انفجار غامض وسط صنعاء يحرج الحوثيين.. واتهامات زائفة تطيح بموظفين أبرياء


مندب برس | 370 قراءة 

أعلنت وسائل إعلام تابعة للحوثيين في اليمن، فجر الثلاثاء، عن سقوط قتيلين و42 جريحًا في حصيلة غير نهائ