أعادت الفنانة اليمنية العربية بلقيس فتحي فتح نقاش واسع في الأوساط الفنية والثقافية حول مفهوم تمثيل اليمن فنيًا، بعد سنوات من حضورها القوي على الساحة العربية. وتحوّلت مسيرتها الغنائية إلى نموذج مثير للجدل، بين من يراها نجاحًا عربيًا يُحسب لليمن، ومن يعتبرها ابتعادًا عن الهوية الفنية والتراث الغنائي اليمني. هذا الجدل لم يقتصر على الداخل اليمني، بل امتد إلى متابعين عرب رأوا في قصة بلقيس فتحي انعكاسًا لصراع أوسع بين المحلية والعالمية في الفن.
البدايات الفنية خارج اليمن
انطلقت بلقيس فتحي فنيًا من دول الخليج العربي، حيث وجدت بيئة إنتاجية وإعلامية قادرة على دعم المواهب الشابة. لم تبدأ تجربتها الغنائية من داخل اليمن، وهو ما اعتبره البعض نقطة محورية في مسارها الفني. هذا الانطلاق المبكر خارج الوطن الأم أسهم في رسم ملامح هويتها الفنية لاحقًا، وجعل جمهورها العربي يتعرف عليها من خلال أعمال ذات طابع خليجي معاصر.
اختيار اللون الغنائي العصري
اختارت بلقيس فتحي منذ بداياتها تقديم لون غنائي عصري ينتمي إلى البوب الخليجي، مبتعدة عن الألوان اليمنية التقليدية مثل الغناء الصنعاني أو الحضرمي. هذا الخيار فتح لها أبواب الانتشار السريع، لكنه في المقابل أثار تساؤلات حول غياب التراث اليمني عن أعمالها. ويرى منتقدوها أن اليمن يمتلك إرثًا موسيقيًا غنيًا كان يمكن توظيفه للتعريف بالثقافة اليمنية عربيًا.
أسباب الجدل داخل الشارع اليمني
تصاعد الجدل حول بلقيس فتحي عندما عبّر بعض اليمنيين عن استيائهم مما وصفوه بعدم تمثيل الهوية الفنية اليمنية. وذهب هؤلاء إلى أن الفنانة لم تسهم بالشكل الكافي في خدمة التراث الغنائي اليمني أو إعادة تقديمه بروح عصرية. في المقابل، اعتبر آخرون أن تحميل فنانة واحدة مسؤولية تمثيل تراث بلد كامل أمر غير عادل، وأن الفن مساحة حرّة للاختيار والتجريب.
تصريحات فُسرت بطرق متباينة
زاد النقاش حدة بعد تصريحات أدلت بها بلقيس فتحي حول صعوبة الغناء داخل اليمن بسبب الأوضاع الأمنية وتعقيدات الإنتاج الفني. ورغم أن هذه التصريحات جاءت في إطار واقعي، إلا أن بعض المتابعين فسّروها على أنها تبرير للابتعاد أو تجاهل متعمد للساحة الفنية اليمنية. هذا التباين في تفسير المواقف أسهم في توسيع رقعة الجدل بدل تهدئته.
موقف بلقيس من هويتها اليمنية
حرصت بلقيس فتحي في أكثر من مناسبة على التأكيد أنها فخورة بأصلها اليمني، وأن ارتباطها باليمن ثابت ولا يتغير. وشددت على أن اختياراتها الفنية لا تعني التخلي عن الهوية، بل تعكس مسارًا مهنيًا فرضته ظروف السوق ومتطلبات الانتشار العربي. كما أكدت أن حبها لليمن لا يرتبط فقط بنوع الأغاني التي تقدمها.
الهوية الفنية بين المحلية والعالمية
تحولت قصة بلقيس فتحي إلى مثال واضح على الصراع بين الهوية المحلية ومتطلبات النجومية العربية. ويرى مختصون أن الفنان اليمني يواجه ضغطًا مضاعفًا، إذ يُطالب بالحفاظ على التراث وفي الوقت نفسه بمنافسة الأسماء العربية الكبرى في سوق فني شديد التنافس. هذا الواقع يجعل أي نجاح خارجي عرضة للنقد والتأويل.
خاتمة مفتوحة للنقاش
تبقى تجربة بلقيس فتحي واحدة من أكثر التجارب الفنية اليمنية إثارة للنقاش خلال السنوات الأخيرة. وبين من يراها سفيرة ناجحة للفن العربي المعاصر، ومن ينتظر منها حضورًا أقوى للتراث اليمني، يستمر الجدل دون حسم. ومع كل عمل جديد، يعود السؤال ذاته إلى الواجهة: كيف يمكن للفنان اليمني أن يوازن بين هويته المحلية وطموحه العربي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news