اعتبر محلل سياسي سعودي أن ما يجري في جنوب اليمن يمثل مرحلة خطيرة من التصعيد، مشيرًا إلى أن التطورات المتسارعة في محافظتي حضرموت والمهرة تعكس خروجًا واضحًا على المرجعيات السياسية والقانونية الناظمة لمسار التسوية، وتشكل تهديدًا مباشرًا لوحدة اليمن وأمن المنطقة، في ظل موقف سعودي يتجه نحو الحسم وفق قراءة رسمية للأحداث.
قراءة سعودية للتصعيد في الشرق اليمني
يرى الأكاديمي والمحلل السياسي السعودي خالد باطرفي أن ما يجري في جنوب اليمن لا يمكن عزله عن السياق العام للأزمات التي شهدها البلد خلال السنوات الماضية. وأوضح أن التحركات الأخيرة في المحافظات الشرقية تعكس نمطًا متكررًا من فرض الأمر الواقع بالقوة، بعيدًا عن التوافقات السياسية والقانونية المعترف بها محليًا ودوليًا.
تشابه مع انقلاب الحوثيين عام 2014
أشار باطرفي إلى أن المشهد الحالي يعيد إلى الأذهان ما حدث عام 2014، حين رفض الحوثيون مخرجات الحوار الوطني، لأنها لم تمنحهم السيطرة الكاملة على مفاصل الدولة. وأكد أن ما يجري في جنوب اليمن اليوم يعكس منطقًا مشابهًا، حيث يتم القفز على نتائج التوافق السياسي، ما قاد سابقًا إلى تدخل التحالف وصدور قرارات دولية أبرزها قرار مجلس الأمن رقم 2216.
تمرد خارج المرجعيات السياسية
بحسب المحلل السعودي، فإن المحافظات الشرقية تشهد تحركات تمردية على المرجعيات نفسها التي تم الاتفاق عليها لحل الأزمة اليمنية. ولفت إلى أن ما يجري في جنوب اليمن تقوده قوى تسعى للاستحواذ على السلطة دون تفويض شعبي حقيقي، ودون الالتزام بالقوانين الدولية أو الاحتكام لصناديق الاقتراع، وهو ما يضع شرعية هذه التحركات موضع تساؤل.
التشكيك في قدرة الانتقالي على الإدارة
ذهب باطرفي إلى التشكيك في قدرة المجلس الانتقالي الجنوبي على إدارة مناطق جديدة، موضحًا أن فشل المجلس في تقديم نموذج حكم مستقر في عدن يضعف ادعاءه بإمكانية إدارة حضرموت، أكبر محافظات اليمن، بالقوة. وأكد أن ما يجري في جنوب اليمن يكشف فجوة واضحة بين الطموحات السياسية والقدرات الواقعية على الأرض.
قرارات رئاسية وتصعيد غير مسبوق
تزامن هذا التوصيف مع قرارات أعلنها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، شملت المطالبة بخروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة، وإعلان حالة الطوارئ، وإلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع أبوظبي. واعتبر مراقبون أن هذه القرارات تعكس حجم التوتر الذي خلفه ما يجري في جنوب اليمن على مستوى القيادة الشرعية.
منظور قانوني وأمني سعودي
أكد باطرفي أن الرياض تنظر إلى ما يجري في جنوب اليمن من زاوية قانونية واحدة لا تقبل الازدواجية، مشددًا على أن التحالف لا يمكنه منح شرعية لأي تمرد مسلح، كما لم يمنحها سابقًا للحوثيين. وأضاف أن القضية ترتبط بشكل مباشر بالأمن الوطني السعودي، نظرًا لطول الحدود مع حضرموت، وما يشكله أي انفلات أمني من تهديد مباشر للمملكة.
رسالة حزم وإنذار مبكر
وحذر المحلل من تكرار سيناريوهات الفوضى التي شهدتها دول أخرى في المنطقة، مؤكدًا أن السعودية لن تسمح بانتقال هذه النماذج إلى حدودها الجنوبية. ولفت إلى أن الضربة الجوية التي استهدفت شحنات سلاح في المكلا تمثل رسالة واضحة بأن ما يجري في جنوب اليمن لن يُترك دون رد، وأن أي دعم عسكري خارجي سيواجه بالحزم ذاته.
خلاصة المشهد والتوقعات المقبلة
خلص باطرفي إلى أن مستقبل وجود المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة بات محل شك كبير، إذا استمر في فرض الوقائع بالقوة. وأكد أن ما يجري في جنوب اليمن يضع الجميع أمام خيارين واضحين، إما العودة للمسار السياسي والمرجعيات المعترف بها، أو مواجهة تداعيات تصعيد قد يعيد البلاد إلى مربع الصراع المفتوح.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news