حق تقرير المصير، بين القانون الدولي العام والقانون الوطني الداخلي
قبل 6 دقيقة
وفقا للقانون الدولي العام: يقصد بحق تقرير المصير، حق الشعب الواقع تحت الاحتلال أو الإستعمار، بتقرير مصيره بإنشاء دولته المستقلة، وحق الشعب المستقل، بأن يقرر مصير مستقبله السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.. وكذلك حق سكان الإقليم المتنازع عليه بين دولتين أوكثر دون أن يكون لأي من الأطراف سند قانوني أقوى وأوضح من غيره، بأن يقرر سكان الإقليم المتنازع عليه، مصير إقليمهم، بانضمامه الى الدولة "ألف" أو الدولة "باء" أو إنشاء دولة مستقلة خاصة بهم.
ووصف شعب معين بأنه "واقع تحت الاحتلال أو الإستعمار"، هو وصف قانوني، لا يمنح هذا الوصف، سوى لمن تعترف له منظمة الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأنه شعب واقع تحت الاحتلال أو تحت الاستعمار، ووفقا لذلك تمنح المنظمة الأممية لممثل هذا الشعب صفة عضو مراقب في منظمة الأمم المتحدة، الى أن يستقل هذا الشعب ويصبح دولة مستقلة كاملة السيادة، عندها ينتقل التمثيل للشعب في المنظمة الأممية من عضو مراقب الى عضو كامل العضوية.
وحاليا لم يبق في العالم سوى الشعب الفلسطيني فقط الذي تعترف له دول العالم وتعترف له منظمة الأمم المتحدة، بأنه شعب واقع تحت الاحتلال، وبالتالي له حق تقرير المصير بتكوين دولته المستقله، ومن ثم تم منح منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، صفة عضو مراقب في منظمة الأمم المتحدة ثم انتقل هذا التمثيل في الفترة الأخيرة الى وصف دولة مراقب، وذلك الى أن يحصل الشعب الفلسطيني على استقلاله الكامل وإنشاء دولته المستقلة، لتتحول صفة ممثله في منظمة الأمم المتحدة من صفة عضو مراقب أو دولة مراقب الى صفة عضو كامل العضوية.
أما عدا ذلك من حالات، فإنه وفقا للقانون الدولي العام ومبادئ النظام الدولي المعاصر، يطبق "مبدأ وحدة وسلامة أراضي الدول"..
لأنه لو منح القانون الدولي العام والنظام الدولي المعاصر، سكان أي إقليم أو أكثر أو مقاطعة أو محافظة أو مدينة أو غيرها في دولة من الدول المستقلة الأعضاء بالمجتمع الدولي، حق تقرير المصير بإنشاء دولة مستقلة، بسبب خلافات داخلية -أيا كان نوعها- لنتج عن ذلك، خلق فوضى كبيرة في المجتمع الدولي، وأدى الى تفتيت وتقسيم وتمزيق الدول القائمة وهدم النظام الدولي المعاصر، وربما سيصل عندها عدد دول العالم الى عشرات الألاف دولة.
أما وفقا للقانون الداخلي: فيقصد بحق تقرير المصير، حق الشعب في تقرير مصير مستقبله السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، بمعنى أن شعب الدولة هو الذي يقرر عبر الاستفتاء، دستوره الوطني، ويحدد شكل الدولة ونوع نظامها السياسي ونظامها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وهو الذي يختار عبر الانتخابات الحرة النزيهة ممثليه في السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، سواء على المستوى المركزي أو المحلي.
كما يجوز وفقا للقانون الداخلي، وفي حالات معينة واستثنائية ونادرة، حدوث اتفاق داخلي وطني، بين السلطة المركزية الرسمية الشرعية للدولة وبين أطراف معارضة في إقليم معين أو أكثر من أقاليم الدولة، وفي ظل ظروف داخلية طبيعية سلمية واضحة، على منح سكان إقليم أو أكثر من أقاليم الدولة، حق تقرير المصير بإنشاء دولة مستقلة بهم على إقليمهم، وفقا لاستفتاء شعبي حر نزيه معترف به قانونا داخليا وخارجيا.. فإذا قرر غالبية سكان الإقليم بالاستفتاء الحر النزيه استقلالهم، واعترفت الدولة الأصل بنتيجة الإستفتاء واعترفت كذلك باستقلال الإقليم المنفصل.. عندها فقط يجوز وفقا للقانون الدولي العام، أن تقوم الدول الأخرى والمنظمات الدولية بالاعتراف الدولي باستقلال الإقليم المنفصل
.
أستاذ ورئيس قسم القانون بجامعة صنعاء
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news