حصلت القضية الجنوبية في اليمن على دعم منذ الوهلة الاولى من الرئيس اليمني الاسبق عبدربه منصور هادي ومن رئيس الحكومة سابقا رئيس مجلس الشورى حاليا الدكتور أحمد عبيد بن دغر ومن المملكة العربية السعودية فهي شهادة للتاريخ .
في عام 2016 عادت الحكومة الشرعية إلى العاصمة المؤقتة عدن، برئاسة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر وعدد من الوزراء، وذلك في شهر رمضان المبارك. وكان يشغل حينها عيدروس قاسم الزبيدي منصب محافظ عدن، وشلال شائع مديرًا للأمن.
كانت عدن تعيش أوضاعًا مأساوية، حيث كانت إيرادات الدولة تذهب إلى مليشيات الحوثي في صنعاء، فيما تُصرف المرتبات للموظفين والعسكريين متى ما أرادت تلك المليشيات وبالحد الأدنى. ومع ذلك، وصلت الحكومة إلى عدن واستقرت في قصر المعاشيق بإمكانات متواضعة لا تتجاوز غرفتين وصالة.
منذ الأيام الأولى، واجهت الحكومة حربًا إرهابية شرسة، كان أبرزها تفجير معسكر الصولبان الذي راح ضحيته عشرات الأبرياء من العسكريين. وبرغم ذلك، استمرت الحكومة في عملها وبدأت بتأسيس النواة الأولى للجيش والأمن وصرف مرتباتهم، متحديةً الظروف الأمنية الصعبة، في وقت كان الهدف الواضح من تلك العمليات هو إخراج الحكومة من عدن.
وبإرادة وطنية صلبة، لم تكتفِ الحكومة بالبقاء، بل اتخذت بعد أشهر قرارًا سياديًا تاريخيًا بنقل عمليات البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، إضافة إلى إعادة فتح مطار وميناء عدن الدولي لأول مرة منذ الانقلاب الحوثي الإرهابي.
استمرت الحكومة في التمدد داخل عدن والمحافظات المجاورة، عبر مشاريع خدمية وتحقيق قدر من الاستقرار، حتى كتب الصحفي فتحي بن لزرق تغريدته الشهيرة التي تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي:
«بن دغر يتمدد»
في إشارة إلى تمدد نفوذ الدولة وبسط مركزها القانوني، مستمدًا توجيهاته من فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي وفريق عمله، ومنهم الدكتور عبدالله العليمي، عضو مجلس القيادة الرئاسي حاليًا، والعميد ناصر عبدربه منصور هادي، وغيرهم من رجالات الدولة.
ورغم زرع العراقيل والصعوبات في طريق الحكومة، مضت في المسار الصحيح، حتى أصبحت عدن عاصمة مؤقتة حقيقية تستقبل الوفود والسفراء، وانتظمت المرتبات بعد إعادة تصدير النفط، وبجهود ودعم كبير من الأشقاء في المملكة العربية السعودية، التي أعادت الحياة إلى عدن والمحافظات المحررة، ورسخت وجود الدولة ومركزها القانوني والسياسي.
وفي المقابل، ومع كل خلل أو تقصير، كان عيدروس الزبيدي يخرج عبر وسائل الإعلام متهمًا الحكومة بالفشل، متجاهلًا مسؤوليته المباشرة كمحافظ للعاصمة المؤقتة. حتى خرج الدكتور بن دغر في خطاب متلفز بثته القناة الرسمية، مؤكدًا أن الحكومة تتحمل المسؤولية كاملة، لكنه دعا الجميع إلى تركها تعمل ومساندتها من أجل معيشة الناس.
واصلت الحكومة افتتاح المشاريع واحدًا تلو الآخر، ومن بينها مشروع عدن نت، الذي تم لاحقًا تشويهه وتحويله إلى مشروع خاص من قبل أطراف معروفة، كما جرى النيل من معظم المنجزات خدمةً لمصالح ضيقة.
إن الرئيس عبدربه منصور هادي والدكتور أحمد عبيد بن دغر يُعدّان من أكثر من خدم القضية الجنوبية عمليًا، عبر بناء مؤسسات الدولة وتنفيذ مشاريع تنموية حقيقية، في الوقت الذي سيطر فيه عيدروس الزبيدي وحاشيته على منزل محافظ عدن، ومنعوا المحافظ عبدالعزيز المفلحي من دخوله، وحُرّض عليه، بل وجرى التخطيط لاغتياله أكثر من مرة.
واليوم يسعى عيدروس الزبيدي لتحويل مؤسسات الدولة إلى ثكنات عسكرية، والجيش إلى مليشيات، ومصادرة المركز القانوني للدولة، في محاولة مكشوفة لتقويض الشرعية.
إن تمرد عيدروس الزبيدي، القادم من الضاحية الجنوبية، يهدف إلى تحويل المملكة العربية السعودية من داعم إلى خصم، رغم إدراكه التام أنها قائدة التحالف العربي والضامن لتنفيذ مخرجات الحل في اليمن، وأنها لن تسمح بالتمرد على الشرعية، وستقف معها حتى النهاية.
ويبقى السؤال المشروع:
ماذا قدم عيدروس الزبيدي والمجلس الانتقالي الجنوبي؟
لم يقدموا مشروعًا واحدًا يخدم الجنوب، بل كان المجلس خنجرًا في خاصرة القضية الجنوبية، ومكّن حاشيته وأقاربه من الأراضي والمناصب، وساهم في تدمير المركز القانوني للدولة.
كل ما نراه اليوم من إنجازات هو نتاج عمل الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، والدكتور بن دغر، وأحمد الميسري، وبدعم أساسي وحاسم من المملكة العربية السعودية، التي دعمت الجيش، وصرفت مرتباته، ودربته، وعالجت الجرحى، وكفلت أسر الشهداء. ولولا دعم المملكة، لكان الحوثي اليوم يسيطر على كامل التراب اليمني، لكن كما يقول المثل:
«إذا أكرمت اللئيم تمردا».
ومن حسن حظ المجلس الانتقالي، أن هناك رسالتين واضحتين:
الأولى من وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، الذي حذر مليشيات عيدروس من التمادي، ودعاها إلى الانسحاب من المهرة وحضرموت، وتغليب العقل، مذكرًا بالمشاريع التنموية التي قدمتها المملكة لأمن اليمن واستقراره، لا من أجل التمرد والانفراد بالسلطة.
والرسالة الثانية، الرفض الدولي القاطع لأي مشاريع انفصالية، كما حدث في قضية الصومال، حيث لم تعترف بها سوى إسرائيل، في حين صدرت بيانات شجب واستنكار من مختلف دول العالم، وهو ما يجب أن يكون درسًا بأن التمرد سيقود إلى العزلة والنبذ، وأن أي مواجهة قادمة ستنتهي بعودة الولاء الكامل للشرعية، وتمرد واسع على مغامرات عيدروس الزبيدي وشلته.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news