فنّد وزير الخارجية اليمني الأسبق، خالد اليماني، الحجج القانونية التي يستند إليها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في دعوته المملكة العربية السعودية إلى التدخل العسكري، مؤكدًا أن هذه الدعوة تفتقر إلى الأساس الدستوري والقانوني الدولي، ولا تتمتع بشرعية تمثيلية أو مؤسسية.
وأوضح اليماني أن الوجود القانوني لمجلس القيادة الرئاسي، الذي أُنشئ في أبريل 2022، يستند حصريًا إلى إعلان رئاسي صادر عن الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، إضافة إلى اعتراف دولي ذي طابع وظيفي ومؤقت، وليس إلى سند دستوري نافذ أو تفويض شعبي مباشر. وأشار إلى أن غياب إطار دستوري أو نظام داخلي مُلزِم يحدد بوضوح آليات اتخاذ القرار، وحدود الصلاحيات، وشروط التمثيل، يجعل المجلس يفتقر إلى مقومات المؤسسة السيادية المستقرة.
وأكد اليماني أنه، وبناءً على ذلك، لا يملك أي عضو أو مجموعة من أعضاء المجلس – مهما كان عددهم – صلاحية الادعاء بتمثيل الدولة اليمنية منفردين، أو إسقاط صفة الشراكة السياسية والقانونية عن بقية الأعضاء. وبيّن أن قواعد القانون الدولي العام تُعامل السلطة المعترف بها دوليًا كوحدة واحدة أمام المجتمع الدولي، ولا يُعتدّ بخلافاتها الداخلية أو انقساماتها السياسية كأساس قانوني لاتخاذ إجراءات أحادية تمس سيادة الدولة أو السلم الأهلي.
وأضاف أن الاعتراف الدولي الشكلي لا يمنح شرعية قانونية مكتملة في ظل غياب وحدة القرار، وعدم القدرة الجماعية على إنفاذه، موضحًا أن القانون الدولي يُقر مبدأ التدخل بناءً على دعوة كاستثناء ضيق ومقيّد بشروط صارمة. ومن أبرز هذه الشروط أن تصدر الدعوة عن سلطة موحّدة، قادرة على ممارسة سيطرة فعلية، وأن تكون الدعوة صريحة ومحددة من حيث الغاية والنطاق، وتعكس إرادة جماعية واضحة لا لبس فيها.
وشدد اليماني على أنه في حالة مجلس قيادة يعاني انقسامًا بنيويًا واضحًا، ويعجز عن اتخاذ قرارات جماعية مُعلنة وملزمة، فإن أي دعوة تصدر عن رئيس المجلس أو عن بعض أعضائه لطلب تدخل عسكري خارجي تفتقر إلى الأساس القانوني السليم، وتُعد قابلة للطعن الجدي من منظور القانون الدولي، خصوصًا إذا استُخدمت هذه الدعوة كأداة في نزاع داخلي بين أطراف يُفترض أنهم شركاء ضمن إطار سياسي واحد.
وفي السياق ذاته، حذّر اليماني من أن توجيه تدخل عسكري خارجي ضد قوات جنوبية تسيطر فعليًا على الأرض، وتمارس مهام أمنية معترفًا بها في مكافحة الإرهاب ومنع تهريب السلاح، دون أن تشكّل تهديدًا وشيكًا عابرًا للحدود، يضع هذا التدخل في منطقة رمادية قانونيًا، ويفقده الغطاء المشروع الذي قد يوفره مبدأ الاستعانة الخارجية.
وختم اليماني بالتأكيد على أن مثل هذا التدخل يمكن توصيفه قانونيًا باعتباره إساءة استعمال لحق التدخل بناءً على دعوة، وانتهاكًا لمبدأ عدم التدخل في النزاعات الداخلية، وعاملًا مُقوّضًا للتوافق الوطني ولمسار التسوية السياسية الذي ترعاه الأمم المتحدة. وخلص إلى أن أي عمل عسكري لا يستند إلى تفويض جماعي واضح من كامل مجلس القيادة الرئاسي يظل محل تشكيك قانوني جدي، ولا يتمتع بحصانة قانونية دولية مكتملة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news