في تصريحات نارية نقلتها وسائل إعلام تابعة للمجلس الانتقالي، وتحمل في طياتها عدة دلالات حول تعقيدات المشهد العسكري والسياسي في المنطقة الشرقية، أكد رئيس الهيئة التنفيذية المساعدة للمجلس الانتقالي الجنوبي لشؤون مديريات وادي وصحراء حضرموت، محمد عبد الملك الزبيدي، السبت، أن عناصر مليشيات الانتقالي باقية في حضرموت ولن تنسحب، محاولاً رسم صورة زاهية للأوضاع الأمنية رغم التوترات الكامنة.
وجاءت هذه التصريحات لتؤكد نية المجلس الانتقالي في الاستمرار في سياسة الأمر الواقع، حيث شدد الزبيدي في حديثه على أن الأوضاع الأمنية مستقرة ولا تشهد أي اختلالات، في وصف يبدو متعارضاً مع الحساسيات المحلية تجاه أي تواجد مسلح خارج إطار الدولة.
"الأمن مستتب".. وإنكار لواقع المليشيات
وقال الزبيدي، بحسب ما تناقلته وسائل الإعلام الموالية للانتقالي، إن “الأمن مستتب بشكل تام، والأوضاع هادئة وطبيعية، ولا توجد أي مشاكل أو انتهاكات، وقواتنا منتشرة على الأرض وتقوم بواجبها”.
وعلى الرغم من محاولة التهدئة التي يحاول من خلالها المسؤول الانتقالي تبرير التواجد المسلح، إلا أن الوصف بأن "القوات منتشرة وتقوم بواجبها" يفتح الباب لتساؤلات جدية حول حدود هذا الواجب ودور المؤسسة العسكرية الرسمية، في ظل وجود مليشيات منافسة لا تملك شرعية قانونية كاملة في تسيير الشأن الأمني.
استغاثة أبناء حضرموت.. ذريعة للاستحواذ؟
وفي محاولة لتبرير البقاء الدائم للمسلحين الانتقاليين، أضاف الزبيدي: “لن ننسحب من حضرموت، فالقوات المسلحة الجنوبية جاءت استجابة لاستغاثة أبناء وادي وصحراء حضرموت”, مؤكدًا أن وجود هذه القوات “يمثل مصلحة عامة للجميع”.
ويرى مراقبون أن هذا الخطاب يستخدم "مظلومية" أبناء المحافظة كورقة للضغط وتبرير الاستمرار في النفوذ العسكري، حيث تحولت الاستغاثة الإنسانية سابقاً إلى ذريعة لتوسيع نفوذ مليشيات المجلس الانتقالي والسيطرة على مفاصل القرار في حضرموت، بعيداً عن أي إجماع محلي حقيقي.
إفشال تهريب السلاح.. أم الهيمنة؟
ومن جانب آخر، حاول الزبيدي تزيين صورة المليشيات عبر تسويق إنجازات أمنية، مشيراً إلى أن انتشار المجلس الانتقالي أسهم في إفشال عمليات تهريب السلاح إلى جماعة الحوثي.
وأوضح أن مطلب المجلس يتمثل في بقاء القوات الجنوبية في حضرموت، مع الاستعداد للتعاون مع أي قوات جنوبية أخرى في مهام التأمين.
وهذه التصريحات تأتي في سياق محاولات الانتقالي الهروب إلى الأمام وتقديم نفسه كضامن للأمن في مواجهة المليشيات الحوثية، إلا أن الواقع يشير إلى أن هذا التواجد بات يشكل عقدة بنيوية في العلاقة مع الحكومة الشرعية، ويخلق توازنات رعب تعيق الجهود الرامية لاستقرار حضرموت وإبعادها عن صراعات النخب.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news