كشف علي ناصر محمد، رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الأسبق، في تصريحات صريحة ومطوّلة، ملامح رؤية نقدية لتجربة الوحدة اليمنية، محمّلًا غياب الأسس الواضحة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، ومؤكدًا أن الأزمة الحالية هي نتيجة تراكمات سياسية لم تُعالج في وقتها، وهو ما يعيد اسم علي ناصر محمد إلى واجهة الجدل السياسي اليمني من جديد.
الوحدة اليمنية بين الفكرة والتنفيذ
اعتبر علي ناصر محمد أن الوحدة اليمنية أُعلنت دون تجهيز حقيقي أو توافق عميق بين الأطراف، واصفًا ما جرى حينها بأنه انتقال متسرع نحو الوحدة دون ضمانات، أعقبه تراجع عملي عنها، ما جعل الانفجار مسألة وقت، وفق تعبيره، مشيرًا إلى أن هذا المسار الخاطئ فتح الباب أمام صراعات لاحقة لا تزال البلاد تدفع ثمنها حتى اليوم.
وثيقة العهد والاتفاق وشهادة التاريخ
تطرق علي ناصر محمد إلى تفاصيل توقيع ما عُرف بـ وثيقة العهد والاتفاق، موضحًا أنه شارك في اجتماعاتها بصفته شاهدًا لا طرفًا موقعًا، بعد أن أبدى شكوكه في جدية الالتزام ببنودها، لافتًا إلى أنه أبلغ الملك حسين آنذاك بملاحظاته وتحفظاته، مؤكدًا أن غياب الصدق السياسي كان سببًا مباشرًا في فشل الوثيقة قبل أن ترى النور فعليًا.
كواليس اللقاءات في عمّان
استعاد علي ناصر محمد مشاهد من اللقاءات التي جمعت قيادات يمنية بارزة في العاصمة الأردنية عمّان، بحضور شخصيات سياسية وقبلية من الشمال والجنوب، موضحًا أن الحوار اليمني كان يُدار خارج البلاد، في وقت كان يتمنى أن تُحل الخلافات داخل صنعاء أو عدن أو حضرموت، إلا أن الظروف فرضت مسارًا آخر برعاية أردنية.
تقييم أحداث عام 2011 في اليمن
وفي تقييمه لأحداث عام 2011، شدد علي ناصر محمد على أنها لا ترقى إلى توصيف الثورة الشاملة، معتبرًا إياها حراكًا سياسيًا واسعًا كان من الممكن احتواؤه لو تمت معالجة آثار حرب 1994 بعدالة ومسؤولية، مؤكدًا أن تجاهل تلك الملفات ساهم في تعقيد المشهد اليمني لاحقًا.
اليمن بين الانقسام والحل الممكن
حذّر علي ناصر محمد من خطورة الانقسام القائم اليوم، مشيرًا إلى وجود سلطات مزدوجة ورئاسات وحكومات وبرلمانات متوازية، معتبرًا هذا الواقع تهديدًا مباشرًا للوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي، ومؤكدًا أن أي حل حقيقي يبدأ باستعادة الدولة الواحدة برئيس واحد وحكومة واحدة وجيش موحد.
قراءة مستقبلية للصراع اليمني
توقع علي ناصر محمد منذ بداية الحرب أن الصراع سيطول، رافضًا التقديرات التي تحدثت عن حسم سريع، وهو ما تثبته الوقائع بدخول الحرب عامها الحادي عشر، داعيًا إلى مراجعة شاملة للمسار السياسي والبحث عن حلول واقعية تنهي معاناة اليمنيين.
خلاصة المشهد السياسي اليمني
تضع تصريحات علي ناصر محمد الكرة مجددًا في ملعب القوى السياسية اليمنية، بين خيار إعادة بناء الدولة على أسس جديدة، أو استمرار الانقسام بكل مخاطره، في وقت تبقى فيه الوحدة الحقيقية مرهونة بالإرادة السياسية الصادقة والحوار الشامل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news