كشف تقرير غربي حديث عن دخول إيران ووكلائها الإقليميين مرحلة جديدة من إعادة التموضع، عقب حرب الأيام الاثني عشر بين طهران وتل أبيب في يونيو/حزيران 2025، مشيرًا إلى تحولات عميقة في طبيعة عمل ما يُعرف بـ«محور المقاومة» على المستويات العسكرية والمالية والتنظيمية.
ووفق التقرير الصادر عن معهد الشرق الأوسط الأمريكي (MEI)، فإن تراجع وتيرة العمليات العسكرية التي تنفذها الفصائل الموالية لإيران لا يعكس حالة ضعف أو انكسار، بقدر ما يمثل حالة “سكون تكتيكي” تهدف إلى الحفاظ على القدرات المتبقية، وإعادة ترتيب شبكات التمويل والنفوذ، استعدادًا لمراحل لاحقة.
وأوضح أن بنية المحور شهدت خلال العامين الماضيين انتقالًا تدريجيًا من نموذج القيادة المركزية الخاضعة لإشراف مباشر من الحرس الثوري الإيراني، إلى شبكة لامركزية من الفصائل شبه المستقلة. وبحسب التقدير الغربي، بات كل من حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، وجماعة الحوثي في اليمن، يعمل ضمن إطار تنسيقي عام قائم على عقيدة ردع مشتركة، دون الالتزام بتوجيهات عملياتية مباشرة من طهران.
ويرى التقرير أن هذا التحول منح الشبكة قدرة أكبر على امتصاص الضربات وتقليل الخسائر، لكنه في المقابل حدّ من قدرة إيران على التحكم التفصيلي في قرارات وسلوك حلفائها، ما جعل المحور أكثر تعقيدًا وأصعب احتواءً.
اليمن في قلب التحولات
وفيما يخص اليمن، أكد التقرير أن جماعة الحوثي لا تزال تمثل إحدى أبرز أدوات النفوذ الإيراني في المنطقة، مشيرًا إلى استمرار عمليات تزويدها بالأسلحة والمكوّنات العسكرية رغم الجهود الدولية لاعتراضها. ولفت إلى إحباط محاولات تهريب مواد كيميائية تُستخدم في تصنيع الصواريخ، إضافة إلى شحنات أسلحة متنوعة كانت في طريقها إلى مناطق سيطرة الجماعة.
كما أشار التقرير إلى معلومات استخباراتية أوروبية تحدثت عن وصول كميات كبيرة من مواد تدخل في تصنيع وقود الصواريخ إلى إيران، ما يعزز الشكوك حول استمرار دعم البرامج الصاروخية الإيرانية، واستفادة الفصائل المسلحة المرتبطة بها، وفي مقدمتها الحوثيون، من هذه الإمدادات.
شبكات تمويل معقّدة
وفي الجانب المالي، نقل التقرير عن بيانات أمريكية أن إيران تعتمد على شبكات واسعة من الشركات الوهمية وتهريب النفط لتحويل مليارات الدولارات سنويًا إلى فيلق القدس ووكلائه في المنطقة. مضيفا أن جزءًا متزايدًا من هذه الأموال يُحوّل عبر العملات الرقمية، في محاولة للالتفاف على العقوبات والرقابة الدولية.
وبحسب التقرير، فرضت جماعة الحوثي بدورها جبايات ورسومًا غير قانونية على واردات الوقود في مناطق سيطرتها، وحققت عائدات ضخمة جرى غسل جزء منها عبر قنوات مالية مرتبطة بإيران، واستخدمت في تمويل عمليات شراء الأسلحة وتعزيز القدرات العسكرية.
وخلص التقرير الغربي إلى أن «محور المقاومة» لم ينهَر بعد المواجهة الأخيرة، بل أعاد تنظيم نفسه بأساليب أكثر مرونة وأقل مركزية، ما يفرض تحديًا متزايدًا أمام خصوم إيران. معتبرا أن التعامل مع هذا الواقع الجديد لم يعد ممكنًا عبر الأدوات العسكرية والعقابية التقليدية فقط، بل يتطلب استراتيجيات أوسع تستهدف البنية الاقتصادية للمحور وخطابه الأيديولوجي في آن واحد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news