شهدت العاصمة العُمانية مسقط، الثلاثاء، توقيع اتفاق مهم بين وفد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا ووفد جماعة الحوثي، يقضي بتبادل الأسرى والمحتجزين وفق قاعدة "الكل مقابل الكل"، في خطوة إنسانية وُصفت بأنها من أبرز الاختراقات الإيجابية في ملف إنساني معقد طال أمده.
يأتي هذا الاتفاق ثمرة لجهود دبلوماسية حثيثة قادتها سلطنة عُمان، التي واصلت نهجها القائم على الحياد والحكمة، ولعبت دور الوسيط الموثوق القادر على جمع الأطراف المتنازعة وتقريب وجهات النظر، بعيدًا عن منطق القوة أو المصالح الضيقة، ما أسهم في تهيئة مناخ مناسب لإنجاز هذا الاتفاق.
وبحسب إعلان وفد الحكومة اليمنية، فإن الاتفاق يشمل الإفراج عن نحو 2900 محتجز ومختطف من مختلف الأطراف والجبهات، من بينهم القيادي محمد قحطان، إضافة إلى أسرى من التحالف، بينهم سبعة أسرى سعوديين وأسرى سودانيون، وهو ما عُدّ إنجازًا إنسانيًا كبيرًا لقي إشادة واسعة من يمنيين ودول إقليمية، أكدوا خلالها الدور العُماني الناجح والمسؤول في الوصول إلى هذا التفاهم.
أبرز ردود الفعل المشيدة بالدور العُماني
أشاد الناشط والصحفي توفيق أحمد بالدور الذي اضطلعت به سلطنة عُمان في تقريب وجهات النظر بين الأطراف اليمنية، مثمنًا جهودها الرامية إلى وقف الحرب، ومعبّرًا عن أمله في أن تفضي هذه المساعي إلى سلام عادل ودائم يلبي تطلعات اليمنيين، ويحافظ على سيادة اليمن ووحدته وسلامة أراضيه، ويعزز مكانة الدولة والنظام والقانون.
من جانبه، عبّر الصحفي عبد الشافي النبهاني عن شكره وتقديره لسلطنة عُمان، مشيدًا بمواقفها الأخوية المنبثقة من قيادة تحترم حق الجوار وتاريخ العلاقات الطويلة بين البلدين والشعبين الشقيقين، مؤكدًا أن التقارب بين اليمن وعُمان هو تقارب قلوب قبل أن يكون تقارب حدود. وأضاف أن السلطنة لم تراهن يومًا على السلاح، ولم تختَر لغة المصالح والنفوذ، ولم تبحث عن مكاسب على حساب دماء اليمنيين ومعاناتهم.
في السياق ذاته، قال حسين الفضلي إن سلطنة عُمان، ومنذ مقولة السلطان الراحل قابوس بن سعيد – رحمه الله – بأن الخلافات تُحل بالمفاوضات لا بالعنف، رسخت نهج الحياد والحكمة، ورفضت الانخراط في الصراعات والاستقطابات، ما جعلها وسيطًا موثوقًا حين تعجز المساعي الأخرى.
وأضاف أن الحكمة العُمانية تتجلى اليوم بوضوح في وساطتها الجادة والمسؤولة للتوصل إلى اتفاق إطلاق الأسرى وفق قاعدة «الكل مقابل الكل».
بدوره، اعتبر فضل محمد اليافعي أن الدور العُماني ظل ثابتًا وهادئًا في وقت انحرفت فيه البوصلة وتاهت الاتجاهات تحت وقع السلاح والتحالفات الخاطئة، مؤكدًا أن سلطنة عُمان لم تكن يومًا طرفًا في نزيف اليمن، بل كانت ولا تزال ضمادًا لجراحه الغائرة.
كما كتب عيسى، في تعليق مماثل، أن الوساطة العُمانية الجادة والمسؤولة في ملف الأسرى تعكس بوضوح حكمة السلطنة وقدرتها على إدارة الملفات الإنسانية المعقدة بعيدًا عن التصعيد والمصالح الضيقة.
وفي تعليق آخر، أشار ناشط يمني من أرض العوالق، بنبرة ساخرة، إلى التباين في الأدوار الإقليمية، معتبرًا أن سلطنة عُمان أثبتت عمليًا قدرتها على لعب دور الوسيط الحقيقي في ملف الأسرى، في مقابل أدوار أخرى ما تزال محل تساؤل.
من جهته، ثمّن وضاح اليمن المواقف الصادقة والأخوية لسلطنة عُمان، مؤكدًا أنها نابعة من قيادة تحترم الجوار وتاريخ العلاقات الطويلة بين شعبين وبلدين تجمعهما القلوب قبل الحدود.
أما محمد قاسم اليافعي، فرأى أن إطلاق الأسرى بوساطة عُمانية يثبت أن الحلول الإنسانية ممكنة حتى في أكثر الأزمات تعقيدًا، مشيرًا إلى أن النية الصادقة والحرص على حياة الناس قادران على تجاوز العقبات السياسية والعسكرية.
وأضاف أن الوساطة العُمانية لم تكن إجراءً شكليًا، بل تجسيدًا لنهج يقوم على احترام الإنسان وصون الكرامة، مؤكدًا أن الحكمة العُمانية تبرز كقوة حقيقية لإعادة الأمل وإصلاح ما دمرته مشاريع الطمع والعبث.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news