قال تقرير حديث لمعهد واشنطن إن حليفتا الولايات المتحدة السعودية والإمارات تتجهان نحو المواجهة في اليمن، حيث تهدد القوات المحلية بإعادة إشعال حرب قد تعزز نفوذ الحوثيين، وتعمق عدم الاستقرار في البحر الأحمر، وتقوض أهداف إدارة ترامب في الشرق الأوسط.
وذكر المعهد في
تحليل للباحثة أبريل لونغلي آلي
– ترجمه الموقع بوست – إن الوضع في اليمن شهد تحولاً جذرياً هذا الشهر، حين سيطرت القوات الانفصالية المتحالفة مع الإمارات العربية المتحدة بسرعة على محافظتين كبيرتين تشكلان نحو نصف مساحة البلاد، وهما حضرموت، الغنية بالنفط والمتاخمة للسعودية، والمهرة، المتاخمة لسلطنة عُمان.
وذكر أن الأمر قد يبدو من بعيد شأناً داخلياً بحتاً، ولكنه ليس كذلك، مشيرا إلى أن السعودية تنظر إلى حدودها الممتدة على مسافة 425 ميلاً، وإلى روابطها الثقافية العميقة مع حضرموت، كعناصر مهمة لأمنها القومي، وسلطنة عُمان تنظر إلى المهرة بالمثل.
وأشار إلى أن الرياض تطالب بانسحاب القوات المدعومة من الإمارات، إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي يرفض الامتثال، وهذا المأزق يهدد بتقويض الهدنة اليمنية الهشة التي استمرت ثلاث سنوات ونصف، وقد يزيد هذا الوضع من توتر العلاقات بين الحليفين الرئيسيين للولايات المتحدة، السعودية والإمارات، اللتين تشهدان بالفعل خلافات حادة في السودان.
وأوضح أن سيطرة الانتقالي أثارت سرعة السيطرة دهشة معظم المراقبين، بل ودفعت البعض إلى التكهن بأن السعوديين والإماراتيين قد توصلوا إلى اتفاق لتسليم ذلك الجزء من البلاد بالكامل إلى المجلس الانتقالي، وخاصة أنه لم يُصدر رئيس المجلس القيادي الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، أي تصريحات علنية خلال الهجوم، كما لم يُصدر أوامر لقيادة المنطقة العسكرية الأولى التابعة للحكومة في حضرموت بالمقاومة.
وأردفت الباحثة بالقول: "بعد أن هدأت الأمور، اتضح أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الرياض وأبوظبي، في حين أدان العليمي، متأخراً، عملية الاستيلاء باعتبارها عملاً أحادياً خطيراً يقوض الحكومة الشرعية. وفي خضم مطالب الرياض العلنية بالانسحاب الكامل، أقرّ مسؤولون إماراتيون، في جلسات خاصة، بضرورة خفض التصعيد، وأرسلت الدولتان وفداً مشتركاً إلى عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية، سعياً إلى إيجاد حل".
وقال التحليل إن حضرموت لا تُعدّ معقلاً تقليدياً للمجلس الانتقالي، لكن قادة المجلس يرون أن مواردها النفطية ضرورية لإقامة دولة انفصالية قابلة للحياة، وذكر السعودية تُفضّل يمناً موحداً، ويعارض العديد من الحضرميين المجلس الانتقالي خشية أن يُقوّض هدفهم في الحكم الذاتي ويُعيد إحياء السياسات القمعية التي كانت سائدة في جنوب اليمن سابقاً.
وأشار إلى أن هذا التوقيت قد يعكس ترقبًا واسعًا لاستئناف محادثات السلام السعودية الحوثية، التي أحرزت تقدمًا ملحوظًا قبل أن تُعرقلها حرب غزة، وعلى وجه الخصوص، ربما سعى المجلس الانتقالي الجنوبي إلى استغلال رغبة الحوثيين المعلنة في الحصول على حصة من نفط اليمن، الذي يقع معظمه في حضرموت.
وأوضح بأن هجوم الانتقالي جاء في ظل تصاعد التوتر السعودي الإماراتي بشأن مختلف قضايا السياسة الخارجية - بما في ذلك مناقشات المملكة الأخيرة مع إدارة ترامب حول إنهاء الحرب في السودان، حيث واجهت الإمارات العربية المتحدة تدقيقاً دولياً متزايداً.
وعن المخاطر والتوصيات أشار التقرير إلى أن استحواذ المجلس الانتقالي على السلطة إلى فتح باب واسع من الاحتمالات، معظمها يشير إلى تجدد الصراع، مرجحا بأنه إذا فشلت السعودية والإمارات في احتواء التوترات، فمن المرجح أن يندلع قتال بين فصائل الحكومة اليمنية، بما في ذلك في وادي حضرموت.
وأضاف: "ورغم أن الرياض كانت بطيئة في التحرك في البداية، ولديها مجموعة من الجماعات المسلحة غير المنظمة، إلا أن مواردها المالية وفيرة وعلاقاتها واسعة، مما يمنحها وضعاً جيداً لاستغلال المعارضة المحلية للمجلس الانتقالي، وقد نشهد ديناميكية مماثلة في المهرة إذا قررت عُمان التدخل".
وأكد أن ثمة خطر آخر يتمثل في إعلان المجلس الانتقالي استقلاله سريعًا، الأمر الذي قد يدفع الحوثيين وقوى شمالية أخرى إلى إعادة تنظيم صفوفهم ضده، وقال إن قادة المجلس يدركون حتى الآن أن مثل هذا الإعلان سيُقابل بعزلة دولية، لذا فقد صاغوا تصريحاتهم وأفعالهم وحدّدوها وفقًا لذلك، مع ذلك، إذا حاولت الرياض والحكومة اليمنية عزل المجلس وتركه بلا أي مخرج آخر، فقد يقرر الأخير اغتنام هذه الفرصة.
وقال إن حلفاء الولايات المتحدة يواجهون خطر الاصطدام في اليمن، لكن هذه النتيجة ليست حتمية، فالتدخل الأمريكي رفيع المستوى والمستمر وفي الوقت المناسب كفيل بتجنب إلحاق الضرر بالنفس، ولتحقيق هذه الغاية، ينبغي لإدارة ترامب اتباع نهج ذي شقين، يتمثل في جمع حلفاء الخليج بشكل عاجل لتهدئة الأزمة الراهنة، مع وضع الأسس لاتفاقيات أوسع نطاقاً على المدى البعيد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news