في تحليل سياسي يكشف عن متغيرات عميقة في المشهد اليمني، قال الكاتب والمحلل السياسي البارز، محمد جميح، إن جنوب اليمن بات يمتلك "فرصة تاريخية فريدة" لتصدر المشهد الوطني وقيادة مسار الدولة اليمنية الموحدة، مشيرًا إلى أن التغيرات الميدانية والسياسية الأخيرة أعادت رسم خارطة القوة في البلاد بشكل جذري.
وأوضح جميح في حديث خاص، أن "مركز الثقل السياسي والعسكري في اليمن قد انتقل بشكل واضح نحو الجنوب"، وهو ما يمنحه أوراق قوة غير مسبوقة تؤهله لقيادة المرحلة المقبلة. وأضاف أن هذا التحول ليس مجرد تغير في مواقع النفوذ، بل هو إعادة تعريف لموازين القوى التي حكمت البلاد لعقود، مما يفتح الباب أمام إمكانية بناء شراكة وطنية جديدة على أسس متكافئة.
مركز الثقل الجديد
وتفصيلاً، ربط جميح هذا التحول بالسيطرة الفعلية للقوى الجنوبية على مفاصل اقتصادية وعسكرية حيوية، وعلى رأسها العاصمة المؤقتة عدن وموانئها الاستراتيجية على البحر الأحمر وخليج عدن، بالإضافة إلى الدعم الإقليمي والدولي المتزايد الذي تحظى به. وقال: "لم يعد الجنوب مجرد طرف في المعادلة، بل أصبح الرقم الأصعب فيها، واللاعب القادر على التأثير في مسارات الحل السياسي والعسكري".
ورأى المحلل السياسي أن هذه اللحظة التاريخية تفرض على القوى الجنوبية مسؤولية كبرى، ليس فقط لحماية مكتسباتها، بل لقيادة مشروع وطني جامع يضع حداً للحرب ويؤسس لدولة مدنية حديثة، تكون فيها كل مناطق اليمن شريكة متساوية في السلطة والثروة.
تحذير من "قفز النخب" على الواقع
ولكن، وفي جانب التحذير من إضاعة هذه الفرصة، شدد جميح على أن "النخب السياسية في الشمال والجنوب ما زالت أسيرة منطق الماضي، وتقفز فوق حقائق التاريخ والجغرافيا الجديدة". وفسّر ذلك بأن بعض القوى لا تزال تتعامل مع المتغيرات الحالية كأنها مرحلة عابرة، بينما تبحث أخرى عن مكاسب ضيقة على حساب الرؤية الاستراتيجية الشاملة.
وأضاف: "إن تجاهل منطق القوة الجديد والتشبث بالرؤى القديمة سيؤدي حتمًا إلى إهدار هذه الفرصة الثمينة، وقد يعيد البلاد إلى مربع الصراع من جديد. النخب مدعوة اليوم للقراءة الواعية للواقع، والاعتراف بأن الجنوب لم يعد كما كان، وأن أي حل مستقبلي يجب أن يأخذ هذا التحول في الاعتبار كأساس للانطلاق".
وختم جميح تحليله بالتأكيد على أن اليمن يقف عند مفترق طرق حاسم، فإما أن يتم استغلال هذه الفرصة التاريخية لإنهاء الأزمة وبناء دولة يمنية قوية وموحدة، أو أن تتسبب الخلافات والرؤى الضيقة في تفويتها، مما يطيل أمد المعاناة ويعقد مسار الحل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news