العرب
رفضت الولايات المتحدة الاستجابة لمطالب إسرائيلية بالإبقاء على جزء من العقوبات على دمشق، في موقف يسلط الضوء على تباينات بين الجانبين، حول طريقة التعاطي مع الملف السوري.
وتبدي الإدارة الأميركية رغبة واضحة في منح السلطة الانتقالية السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع فرصتها كاملة، للتأكيد على أنها شريك موثوق، فيما تتبنى الحكومة الإسرائيلية سياسة الضغط لتحصيل تنازلات من سوريا، وعلى رأسها فرض منطقة منزوعة سلاح تمتد من دمشق حتى المنطقة العازلة.
وسبق وأن حث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إسرائيل على تغيير نهجها تجاه دمشق وعدم عرقلة جهود استقرار سوريا وازدهارها، وقد أشاد ترامب مرارا بالرئيس الشرع، آخرها السبت، حيث قال "إن "حكومة سوريا، بقيادة رجل يعمل بجد لإعادة العظمة إلى سوريا، تدعمنا دعما كاملا".
في المقابل فإن إسرائيل غير مرتاحة لنهج الولايات المتحدة في سوريا، وسط مخاوف جدية لديها من ضغوط أميركية للانسحاب من المناطق التي احتلها الجيش الإسرائيلي بعد الثامن من ديسمبر 2024.
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، السبت، أن الإدارة الأميركية رفضت طلبًا إسرائيليا للإبقاء على جزء من العقوبات المفروضة على سوريا، للحفاظ على ورقة ضغط على دمشق في المفاوضات.
ونقلت الهيئة عن مصدرين إسرائيليين، قولهما إن إسرائيل سعت لدى مقربين من الرئيس الأميركي، للإبقاء على جزء من تلك العقوبات، فيما رفضت واشنطن الطلب مع التعهّد بتقديم تعويض، مقابل هذا الرفض، من دون الكشف عن طبيعة هذا التعويض أو مجالاته، سواء كانت سياسية أو أمنية.
ووقع ترامب موازنة الدفاع الأميركية، في 19 ديسمبر الجاري، والتي تضمنت إلغاء قانون "قيصر"، ليتم بذلك رفع كافة العقوبات الأميركية على سوريا.
جاء ذلك بعد أن صوت مجلس الشيوخ الأميركي، في 17 ديسمبر، لصالح المشروع النهائي لقانون موازنة وزارة الدفاع لعام 2026 المتضمن إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب "قانون قيصر". وكان مجلس النواب سبقه في التصويت على القرار، في العاشر من الشهر نفسه.
ويفسح رفع العقوبات الأميركية المجال أمام سوريا للحصول على دعم دولي في جهودها لإعادة الإعمار، ودوران عجلة الاقتصاد المتعطلة طيلة أكثر من عقد بفعل الحرب والعقوبات.
ويقول مراقبون إن التباينات بين واشنطن وتل أبيب هي حول أسلوب التعاطي مع دمشق، وليس حول الهدف حيث أن الإدارة الأميركية تتخذ من أمن إسرائيل أولوية في سياستها في الشرق الأوسط.
ويوضح المراقبون أن إدارة ترامب تفضل خيار الدبلوماسية للتوصل إلى تفاهمات أمنية بين دمشق وتل أبيب، تمهد لاحقا لاتفاق تطبيع بين الطرفين، تنفيذا لرؤية ترامب للسلام في المنطقة.
في المقابل، وبحسب المراقبين، فإن إسرائيل تريد استغلال الوضع الحالي في سوريا من أجل تحصيل المزيد من المكاسب على الأرض، وهو ما يفسر تمسكها بالأراضي التي احتلتها، وبدعم الأقلية الدرزية في السويداء، فضلا عن توغلاتها اليومية في القنيطرة، رغم التحذيرات الأميركية.
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية، فقد توصلت إسرائيل والولايات المتحدة إلى تفاهمات تتعلق باستمرار رغبة إسرائيل العمل في سوريا ضد التهديدات، إلى جانب مواصلة المفاوضات مع دمشق بشأن اتفاق أمني محتمل.
وذكرت الهيئة أن التفاهمات تمت في أعقاب اجتماع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، في 15 ديسمبر الحالي.
وقال مصدر للهيئة الرسمية العبرية، إن كل طرف بات يفهم الآن ما المطلوب منه، مشيرًا إلى أن اللقاء تناول تحديد الخطوط الحمراء للنشاط الإسرائيلي في الساحة السورية، وهي نقاط كان من المقرر أن يعرضها براك خلال الاجتماع.
وقالت الهيئة إن زيارة المبعوث الأميركي لإسرائيل الأخيرة حملت رسائل مباشرة من الرئيس ترامب، إلى نتنياهو، وتركزت بشكل أساسي على الملف السوري.
وأضافت أن الإدارة الأميركية ترى في الرئيس السوري اللانتقالي، شريكا يسعى لتحقيق استقرار بلاده ودفعها نحو التقدم، وهو ما يدفع واشنطن إلى محاولة تفادي خطوات تعتبرها مهددة لاستمرار حكمه.
وكان المبعوث الأميركي، أعرب في لقاء مع صحيفة "ذا ناشيونال" عن اعتقاده أن السوريين والإسرائيليين سيتوصلون إلى اتفاق، بدءًا بمسألة الأمن والحدود، ثم المضي قدما نحو التطبيع.
وأضاف في اللقاء الذي جرى في الخامس من ديسمبر، أن السوريين يعلمون أن جزءًا من الحل يكمن في الاتفاق مع إسرائيل.
ورغم وجود الكثير من المقاتلين الأعداء الذين يحاولون عرقلة ذلك، وفق تعبير براك، أشار إلى أن دمشق تسعى جاهدة لتحقيق السلام.
ونوه إلى أن الحكومة السورية تسير على الطريق الصحيح، وتفعل كل ما تطلبه منها واشنطن منها تجاه إسرائيل، موضحا أن موقفها كان متعاونا تماما مع الحكومة الأميركية.
وذكر باراك أن إسرائيل تريد أيضًا التوصل إلى سلام مع السوريين، موضحًا أن عدم ثقتها بالإدارة الأميركية جعلها حذرة في هذا الملف، وهذا ما جعل العمل بطيئًا حتى الآن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news