اليمن في مفترق الطرق .. الشرعية بين اختبار الانقسام ومخاطر تفكك الدولة

     
المنتصف نت             عدد المشاهدات : 81 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
اليمن في مفترق الطرق .. الشرعية بين اختبار الانقسام ومخاطر تفكك الدولة

اليمن في مفترق الطرق .. الشرعية بين اختبار الانقسام ومخاطر تفكك الدولة

قبل 1 دقيقة

يمرّ اليمن اليوم بإحدى أخطر محطاته السياسية منذ أن أشعلت مليشيا الحوثي نار الحرب في 2014، حيث لم تعد الجغرافيا المحررة مجرد مساحة نفوذ، بل تحولت إلى اختبار قاسٍ لقدرة الشرعية على أن تكون دولة لا مجرد عنوان.

اختبار يتجاوز الشكل إلى الجوهر، ويمسّ سؤال السلطة ووظيفتها ومعناها في وعي الناس.

اليمن، في هذه اللحظة الفارقة، يقف على تخوم إعادة تشكّل كبرى؛ إما أن تتبلور لحظة وطنية جامعة تعيد بناء الدولة على أسس جديدة، عادلة وقادرة، أو ينزلق البلد أكثر نحو التفكك والتشظي، حيث تتنازع المشاريع وتغيب الدولة. وبين تصعيد الجنوب، وجمود مسار السلام، والانهيار الاقتصادي المتسارع، تبدو الحاجة ملحة لمراجعة شاملة لمسار إدارة الأزمة، مراجعة تعيد الاعتبار للدولة بوصفها الإطار الجامع، لا الغنيمة المتقاسَمة.

من دون ذلك، ستظل الشرعية اسما بلا مضمون، وسلطة بلا مشروع، في وطن أنهكته حرب لم تعد صراعاً بين طرفين بقدر ما أضحت مواجهة بين مشاريع متناقضة، تُدار فوق أنقاض دولة مهددة بالضياع.

لحظة تتقاطع فيها الأزمات العسكرية مع الانهيار الاقتصادي، وتتداخل فيها الحسابات الإقليمية مع هشاشة الداخل، في مشهد يعيد طرح سؤال: هل ما زال بالإمكان إنقاذ مشروع الدولة اليمنية الواحدة، أم أن البلاد تتجه بثبات نحو إعادة تشكّل قسري على أنقاض الشرعية نفسها؟.

لم تعد التطورات الجارية في حضرموت وسيئون والمهرة وعدن مجرد أحداث أمنية عابرة، بل باتت مؤشرات واضحة على تحولات بنيوية عميقة تمس جوهر السلطة وطبيعة الحكم وهشاشة الترتيبات السياسية التي نشأت بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الذي بوصفه أعلى هرم الشرعية المعترف بها دولياً، والذي كان من المفترض أن يشكّل مظلة توافق وطني تنهي حالة التفرد بالقرار وتوحّد الصف في مواجهة الحوثيين، غير أن الواقع أثبت أن هذا الكيان يعاني من انقسامات داخلية عميقة ناجمة عن تضارب المرجعيات السياسية وتناقض المشاريع الوطنية لأعضائه.

ويبرز هذا التناقض بشكل صارخ في المحافظات الجنوبية، حيث يقود أحد أعضاء المجلس، عيدروس الزبيدي، مشروعاً سياسياً وعسكرياً يتعارض عملياً مع مفهوم الدولة الواحدة التي أُنشئ المجلس للحفاظ عليها.

هذا الخلل البنيوي داخل قمة السلطة ألقى بظلاله الثقيلة على المشهد العام، وحوّل المجلس الرئاسي إلى إطار شكلي عاجز عن اتخاذ قرارات حاسمة. فمع تصاعد التمدد العسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي، اكتفى المجلس ببيانات فضفاضة لا ترتقي إلى مستوى الردع السياسي أو القانوني، ما شجّع على فرض الأمر الواقع وعمّق الإحساس لدى الشارع بأن الشرعية فقدت زمام المبادرة.

في المحافظات الجنوبية، تتكشف ملامح مشروع سياسي متكامل يقوم على السيطرة العسكرية بوصفها مدخلاً لفرض واقع سياسي جديد. هذا المشروع، الذي يستفيد من فراغ السلطة وضعف الحكومة ومن دعم إقليمي مباشر، يسعى إلى احتكار القرار الأمني والعسكري، والسيطرة على الموارد والمنافذ الحيوية، وإقامة إدارة أمر واقع قابلة للتحول إلى كيان سياسي موازٍ. وهو ما يضع الشرعية أمام معادلة شديدة الخطورة: كيف يمكن القبول بأن يكون أحد أركانها رأس حربة في تقويضها؟

في قلب هذا التشظي السياسي يدفع الاقتصاد اليمني كعادته فاتورة مضاعفة كونه الطرف الأضعف في معادلة لا ترحم فيما تفقد الحكومة الشرعية أهم مصادر دخلها، وتتآكل قدرتها على الإيفاء بأبسط التزاماتها تجاه الناس، لا بفعل الحرب وحدها، بل بسبب مصادرة مواردها النفطية، وتعطيل منافذها البرية والبحرية، وتحويل ما تبقى من الموارد إلى أدوات صراع تدار خارج الخزينة العامة، وتسخّر لتعزيز نفوذ أطراف بعينها، لا لبناء دولة تتداعى.

إقليمياً، يصعب القفز فوق دور المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، اللتين سعتا، كل بطريقتهما، إلى منع الانهيار الكامل لمنظومة الدولة، وإلى احتواء التصعيد في الجنوب خشية انزلاق المشهد إلى فوضى مفتوحة. غير أن هذه المقاربة، التي راهنت على إدارة الأزمة بدلاً من حسمها، أسهمت في تثبيت توازنات هشة، وأجّلت مواجهة الأسئلة الكبرى المتعلقة بجذور الصراع، فبدا الاستقرار المؤقت أقرب إلى هدنة طويلة منه إلى حل حقيقي.

أما دولياً، فلا يزال المجتمع الدولي متمسكاً بوصفة التسوية السياسية، رغم وعيه بتعقيدات المشهد وتشابك مساراته. تحركات المبعوث الأممي بين العواصم تعكس إصراراً على إبقاء باب الحوار موارباً، لكنها تكشف، في الوقت نفسه، محدودية التأثير الدولي حين تغيب الإرادة الداخلية الموحدة، وحين تتحول الشرعية نفسها إلى أطراف متعددة لا صوتاً واحداً.

في هذا المناخ المربك، جاءت دعوة أحمد علي عبدالله صالح، نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام، لتجاوز الخلافات وتقديم المصلحة الوطنية، كإشارة سياسية لافتة. دعوة تنطوي على إدراك متنامٍ بأن الصراع داخل معسكر الشرعية لا يقل خطورة عن المواجهة مع الحوثيين، وأن الانقسام المستمر لا يستهلك الوقت فحسب، بل يفتح الأبواب أمام مشاريع جزئية تُهدد الكيان الوطني من أساسه. ومع ذلك، يظل نجاح هذه الدعوة معلقاً على استعداد القوى المختلفة للتخلي عن حساباتها الضيقة، وهو رهان يبدو، حتى الآن، بعيد المنال في أفق سياسي مثقل بالشكوك والمصالح المتضاربة.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مارب.. هجوم حوثي مباغت يسقط مواقع عسكرية وتشيّيع أكثر من 15 جنديًا قضوا بالمواجهات

الأمناء نت | 985 قراءة 

ظهور وزير بالشرعية وهو نائم اثناء الاجتماع بعيدروس الزبيدي في عدن

كريتر سكاي | 819 قراءة 

تصعيد جديد في حضرموت.. هذه تفاصيله والجهة التي تقف وراءه!

موقع الأول | 683 قراءة 

فيديو لمعارك شرسة بين مليشيا الحوثي والانتقالي الجنوبي.. ما حقيقته؟

المشهد اليمني | 617 قراءة 

مقاطعة حكومية واسعة لاجتماع الزبيدي في عدن بإيعاز سعودي

موقع الجنوب اليمني | 562 قراءة 

الانتقالي ينقلب مجددا ويعلن التأييد عبر وزاراته في الحكومة لمطالبه الانفصالية (محدث)

الموقع بوست | 468 قراءة 

وزارة الإعلام تعلن تأييد إعلان دولة الجنوب العربي كاملة السيادة

المشهد العربي | 445 قراءة 

الانتقالي يجتمع بحكومته المصغره في القصر الرئاسي بعدن

مندب برس | 440 قراءة 

الأرصاد: أمطار متفرقة وأجواء باردة تضرب عدة مناطق اليوم

حشد نت | 424 قراءة 

نبوءة السياسي المخضرم ‘‘باصرة’’ بشأن حضرموت تعود للواجهة بعد 16 عامًا .. ماذا قال؟ (فيديو)

المشهد اليمني | 392 قراءة