في سياق متواصل من قمع الحريات العامة والتضييق على الأقليات الدينية والفكرية، شهدت العاصمة اليمنية صنعاء، خلال الساعات الماضية، توترًا أمنيًا لافتًا عقب تنفيذ مليشيا الحوثي المدعومة من إيران حملة مداهمات واعتقالات واسعة في حي الصعدي المكتظ بالسكان، الواقع بالقرب من البوابة التاريخية لمدينة صنعاء القديمة، باب اليمن.
وأفادت مصادر محلية أن المليشيا تواصل منذ امس فرض طوقًا أمنيًا مشددًا على الحي، حيث أغلقت جميع المداخل والمخارج، ونشرت عشرات المسلحين المدججين بالسلاح، وأقامت نقاط تفتيش ثابتة ومتحركة، ما أدى إلى شلل شبه كامل في حركة السكان، وأثار حالة من الذعر والقلق، خصوصًا بين النساء والأطفال.
وبحسب المصادر، فقد داهمت عناصر الحوثي عددًا من المنازل بصورة مفاجئة، وشرعت في تنفيذ اعتقالات تعسفية بحق مدنيين دون أوامر قضائية أو توضيح أسباب الاحتجاز، في مشهد وصفه السكان بأنه أقرب إلى العقاب الجماعي. وأشارت إلى أن أصوات المداهمات والصراخ انتشرت في أزقة الحي الضيقة، مخلفة آثارًا نفسية عميقة لدى الأهالي.
وذكرت المصادر أن من بين أبرز المعتقلين شخص يُدعى محمد العفيري، المعروف بادعائه أنه “المهدي المنتظر”، وهو ما اعتبرته الجماعة تحديًا مباشرًا لسلطتها الدينية والفكرية، التي تحرص على احتكار الخطاب الديني وتوظيفه لخدمة مشروعها السياسي. ويرى مراقبون أن اعتقاله يعكس حساسية الجماعة تجاه أي توجهات فكرية أو دينية لا تخضع لمرجعيتها العقائدية.
وأكد شهود عيان أن الاعتقالات نُفذت باستخدام القوة المفرطة، حيث تعرض بعض المعتقلين للاعتداء اللفظي والجسدي أثناء اقتيادهم إلى جهات مجهولة، فيما مُنعت أسرهم من معرفة أماكن احتجازهم أو التواصل معهم، ما يثير مخاوف من تعرضهم للإخفاء القسري.
وتأتي هذه الحملة ضمن سلسلة انتهاكات متكررة تنفذها مليشيا الحوثي بحق المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتشمل الاعتقالات التعسفية، وملاحقة المعارضين، وقمع حرية الرأي والمعتقد، إلى جانب التضييق على الأقليات الفكرية والدينية، في انتهاك صارخ للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
وأعرب سكان حي الصعدي عن قلقهم المتزايد إزاء استمرار هذه الممارسات، محذرين من أن تصاعد القمع الأمني يهدد السلم المجتمعي، ويعمق حالة الخوف وعدم الثقة بين المواطنين، في ظل غياب أي ضمانات قانونية أو قضائية تحمي المدنيين من الانتهاكات.
ويؤكد ناشطون حقوقيون أن ما تشهده صنعاء يعكس واقعًا قاتمًا للحريات العامة، حيث بات أي اختلاف في الرأي أو المعتقد سببًا كافيًا للاعتقال والملاحقة، مطالبين المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بتحمل مسؤولياتها، والضغط من أجل وقف الانتهاكات، والإفراج عن جميع المعتقلين تعسفيًا، وضمان احترام الحقوق والحريات الأساسية لكافة اليمنيين دون تمييز.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news