السقوط الأخلاقي والسياسي للمسؤولين المتسلّقين
قبل 1 دقيقة
الواقع السياسي المتشظي الذي نتجرعه اليوم، يثبت لنا أن الأقنعة سقطت دفعةً واحدة، وانكشفت الوجوه الحقيقية لمسؤولين متسلّقين جرى تسويقهم طويلًا كرموز للدولة وحماة لمؤسساتها، فإذا بالواقع يفضح خواءهم، ويكشف أنهم بلا مشروع وطني، ولا حسّ بالمسؤولية، ولا أدنى كرامة سياسية.
خطابهم السياسي تحوّل إلى مستنقع من الكذب والزيف والتضليل، خطاب أجوف يقوم على تزييف الوعي وبيع الأوهام، وصناعة الحكايات الوهمية، بدل العمل الجاد وتحمل الأمانة الثقيلة التي أُلقيت على عواتقهم.
يبيعون الأوهام كما تُباع البضائع الفاسدة، ويستبدلون العمل الحقيقي بحكايات مصطنعة، هربًا من استحقاق الفعل والمساءلة.
كل ما قدّموه وهم جاثمون على كراسي المسؤولية لم يكن سوى سلسلة متراكمة من الإخفاقات، أسقطوا فشلهم الشخصي والسياسي على الوطن، وراحوا يهاجمون الرموز الوطنية، وفي مقدمتهم الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الاسبق، في محاولة يائسة للتغطية على عجزهم وفقرهم السياسي. فاستبدلوا النقد المسؤول بالاغتيال المعنوي، والاعتراف بالأخطاء بسيل من الاتهامات الرخيصة، لأن الاعتراف بالفشل شجاعة لا يملكونها وخصوصا من تحولوا لشهود زور على منصات البودكاست.
طوال سنوات وجودهم في المشهد، أتقنوا فنّ الولاءات الزائفة، وبرعوا في التملّق والانحناء للقادة، لكنهم غابوا كليًا عن ميادين العمل والبناء والتنمية و التضحية، لأن المناصب في نظرهم كانت غنيمة شخصية، لا تكليفًا وطنيًا ولا عقدًا أخلاقيًا مع الشعب.
لا يقيمون وزنًا لتضحيات الجنود ولا لمعاناة المواطنين البسطاء، ويستخفّون بوعي الشعب اليمني، ظنًّا منهم أن الذاكرة قصيرة والعقول قابلة للخداع، بعد أن سقطوا سياسيًا وأخلاقيًا، و لفظهم الواقع، لجأوا إلى منصات البودكاست وغيرها، ينفثون سمومهم الإعلامية، ويعيدون تدوير الأكاذيب.
بعض هؤلاء فرّوا إلى الخارج بعد أن استنزفوا خيرات الوطن، وعاشوا في قصور وفلل شُيّدت من أموال الشعب المنهوبة، بعدما رفعوا شعارات “التحرير” كغطاء، ومارسوا الفساد بكل أشكاله، فغاب التحرير، وبرز السماسرة وتجار الحروب والأزمات.
بينما آخرون بقوا في الداخل، لكنهم ارتكبوا خيانة أفدح، حين تحالفوا مع مشاريع تهدّد الدولة من الداخل، وراحوا يزوّرون التاريخ، ويقدّمون للشباب نموذجًا مشوّهًا، يشرعن الخيانة والفساد بوصفهما “خيارًا عقلانيًا”، في جريمة وعي تُنتج اليأس وتنسف أي أمل في قيام دولة حقيقية.
ولهذا، فإن رجل الدولة الحقيقي لا يُقاس بما يملكه أو بما يتشدّق به، بل بما يحفظه ويصونه، وبما يقدّمه للوطن لا بما ينهبه منه.
فالتاريخ لا يخلّد المتسلّقين ولا يحفظ وجوه الانتهازيين ولا مهرّجي السياسة، بل يخلّد أولئك الذين حملوا الدولة في قلوبهم كنبض وريد، ودافعوا عن شعبهم بالأفعال الصادقة، لا بالضجيج والكلام الفارغ والكذب المعلّب.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news