سماح الشغدري:
بتزامنٍ لافت مع تفجير عبوة ناسفة في مدينة تعز أمام مقر حزب الإصلاح، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع بوصفه الإطار السياسي الذي تتحرك داخله جماعة الإخوان المسلمين المصنّفة جماعة إرهابية في عدد من الدول، جاءت هذه العملية في سياق سياسي وأمني شديد الحساسية. استُخدم هذا التفجير كذريعة لفضّ الاعتصامات الشعبية التي طالبت بالكشف عن قتلة الشهيدة افتِهان المشهري، وعن عشرات الضحايا الذين سقطوا خلال سنوات من سيطرة جماعات مسلحة متخفّية خلف حزب سياسي، وهو حزب الإصلاح، حيث كشفت تقارير وشهادات محلية متراكمة عن نمط ممنهج من الانتهاكات شمل القتل، والنهب، والاغتصاب، واستهداف الشباب والأطفال.
اللافت في هذا السياق أن رصدًا واسعًا لمنشورات متداولة على منصات التواصل الاجتماعي أظهر موجة تمجيد صريحة للقاتل محمد صادق، بتزامن مع فض الاعتصامات التي تطالب بالقبض على كل المتورطين حيث وُصف في أكثر من منشور بـ«الشهيد»، وأُشيد بالفعل الإجرامي الذي ارتكبه، دون أن يصدر حتى الآن أي موقف رسمي يجرّم هذا الخطاب أو يدينه. وهذا يكشف بوضوح أن القاتل لم يكن سوى أداة جرى توظيفها ضمن منظومة أوسع يديرها فاعلون نافذون في المدينة. هذا العنف والقتل ليس جديدًا على حزب الإصلاح الذي يستخدم العمليات العنيفة كأداة سياسية لإعادة ضبط المشهد الأمني، وتشتيت الرأي العام، وإعادة تعريف الأولويات قسرًا، بما يخدم مصالحه ويقوّض أي مسار حقيقي نحو العدالة والمساءلة.
التفجير الذي أودى بحياة أبرياء اليوم يشكّل واحدة من أقبح الأدوات التي تُستخدم لإجهاض أي جهد مدني أو حقوقي يسعى لكشف الحقيقة، ومحاسبة الجناة، ومنع الإفلات من العقاب. وهو، في جوهره، رسالة دم تهدف إلى إسكات الضحايا، وإرهاب المجتمع، وإعادة إنتاج الخوف كوسيلة للسيطرة.
وما يجري يضع الشرعية أمام مسؤولية أخلاقية واضحة، لا تقتصر على إدارة الأزمة أو احتوائها، بل تمتد إلى مساءلة البُنى السياسية والأمنية التي تنتج هذا العنف وتعيد تدويره، وتوظّفه كوسيلة لإخماد المطالب المشروعة بالعدالة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news