تعود كل مساء ذاكرتك محشوة بوجع البؤساء، وصعقات صفقات استحواذ شركات التكنولوجيا، وثغرات الأمن السيبراني.
في وهلة تبدو كطفلٍ مسكون برهاب الخوف من الجدات وهن يؤكدن قدرتهن على إكتشاف ماذا فعلت من خلال النظر في عيونك.
تبتسم.. لا بأس سيكون ليل الغد أفضل ولن تجهد نفسك وبدنك في جلب الماء من الحزان إلى دورة المياه وغسل جواربك التي لا تستطع التفريق بين المستخدمة وغير المستخدمة.
بنكد كيير وسخرية من إصرارك العجيب على إهمال فرز الجوارب والاستخدام العشوائي، تجمعها كاملة وترميها في إنا الغسيل وتصب الماء ومسحوق الغسيل، وتتركها لبعض الوقت لتصبح جاهزة للغسل.
تسند ظهرك، تشعر ببرودة تتسلل من أطراف قدميك، تنهض للبحث عن جوارب لتدفئة قدميك، تبحث وفجاءة يعلو ضحكك ساخرا، كل الجوارب في إنا الغسيل. تركل قدميك بالجدار، تحدثهما: الطقس وحده لا يدفع لملاك المنازل إيجار، ولا يحتاج إلى حقيبة سفر، ولا قداحة لاشعال سجائره الرديئة.
تلعن ريبورت الذكاء الاصطناعي الذي يتكفل بإدارة حوارات المشاهير مع معجبيهم وكاريههم على حدٍ سواء، وعدم على الذهاب إلى بائع الجوارب أو مساعدتك في تحديد أين تركت القداحة فهو لا يدخن.
تفرغ جم غضبك على ريبورت الذكاء الاصطناعي، تنعته بالغبي والأهبل، ويرد عليك لا بأس أقدر غضبك مني لكني ما زلت أتدرب على اتقان كتابة قصائد الحب والغزل والرثاء. يسألك هل ترغب في أن أساعدك بكتابة نص شعري لحبيبتك التي تغلق جوالها الأن، لتشعل ثورة غضبك. تفقد توازنك وتضحك بهستيريا.
تجب عليه قائلا: يا غبي دع الشعر وقصائد الرومانسية جانبا فأنا لا حبيبة لي، ساعدني في غسل الجوارب، يرد عليك متأسفا فعلا فعلا فعلا تذكرت أنه ليس لك حبيبة، هل تحب أن أساعدك بالعثور على حبيبة؟ تجبه لا.. أريدك أن تساعدني في غسل الجوارب. يرد معذرة هذه ليست مهمتي.
ترمي الهاتف جانبا، يباغتك جنون فكرة إيلون ماسك لتصنيع مليارات البعوض الإلكترونية وتطعيمها بشرائح ذكاء اصطناعي لتلقيح المحاصيل الزراعية، وإعادة توزيع البكتيريا الحيوية للنباتات لضمان استمرار توازن الغطاء النباتي.
تسحب ماسك من ذاكرتك وتضعه في مطفئة السجائر. يصعد عبقري الرياضيات الياباني الشاب العشريني الذي ابتكر مشروع لتطوير الرياضيات بالذكاء الاصطناعي، ودشن شركته الخاصة بحوالي 200 ألف دولار، وبعد عامين أبرمت ميكروسوفت معه اتفاقية لاحتكار 50 بالمائة من اسهم شركته في أسواق وبورصات العالم لمدة 25 عام مقابل 12 مليار دولار.
تعود بتودد إلى الذكاء الاصطناعي ليساعدك في ابتكار فكرة تجعلك مثل عبقري الرياضيات الياباني، ولكنه يصر على مساعدتك في التعرف على صديقة رائعة أو حبيبة تفضل التزلج على الثلج.
تمسك أعصابك وتسأله لماذا فشل مسبار إيلون ماسك للمرة الثالثة عشر من الوصول إلى المريخ؟ يرد عليك لا بأس سأعطيك إجابة، لكنك قبل هذا تحتاج إلى صديقة جميلة تمنحك كثير من الحب والرومانسية.
ما الذي يحدث؟ ما سر اهتمام الذكاء الاصطناعي بمساعدتنا على كتابة قصائد للزوجات على أسرة المستشفيات أو الجميلات اللائي يعشقن التزلج على الثلج، والحسناوات اللائي لا يصبغن أظافرهن، والساحرات اللائي ينفرن من تربية القطط والكلاب في المنازل، ويفضلن السباحة على تسلق المرتفعات.
اللعنة على جنون التكنولوجيا والجوارب والذكاء الاصطناعي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news