التأريخ يدوّن في أنصع صفحاته: علي عبدالله صالح… الزعيم العربي والقومي ..
قبل 11 دقيقة
حين يفتح التاريخ دفاتره الكبرى، لا يكتفي بسرد الوقائع، بل يتوقف طويلاً عند الرجال الذين صنعوا التحوّلات، وتركوا بصماتهم واضحة في مسار الأوطان. وفي مقدمة هؤلاء، يبرز اسم الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح بوصفه واحداً من أبرز القادة العرب الذين ارتبطت أسماؤهم بمراحل مفصلية في تاريخ بلدانهم وأمتهم.
لم يكن الشهيد علي عبدالله صالح حاكماً عابراً في سجل اليمن الحديث، بل كان قائداً استثنائياً قاد بلاده في ظروف شديدة التعقيد، محاطاً بتحديات داخلية وإقليمية ودولية متشابكة. تولّى المسؤولية في زمن الانقسامات، واستطاع بحكمة سياسية وحنكة قيادية أن يحافظ على تماسك الدولة، وأن يؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار والبناء.
ويُسجَّل له في أنصع صفحات التاريخ إنجازه القومي الأكبر، تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م، ذلك الحلم الذي راود أجيال اليمنيين، وتحول على يديه من فكرة إلى واقع، ومن شعار إلى دولة. كانت الوحدة قراراً شجاعاً، ورؤية استراتيجية، جسّدت إيمان القائد بأن قوة الأمة في وحدتها، وأن التفرّق لا يصنع مستقبلاً.
وعلى الصعيد العربي، حمل علي عبدالله صالح همّ الأمة، وانحاز لقضاياها المصيرية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مؤكداً في مختلف المحافل أن فلسطين ستظل القضية المركزية للعرب، وأن التفريط بها هو تفريط بالكرامة العربية. كما اتسم موقفه القومي بالاستقلالية ورفض الوصاية، محافظاً على قرار وطني حرّ، رغم ما واجهه من ضغوط وتحديات.
تميّزت شخصية علي عبدالله صالح بالقدرة على إدارة التوازنات، وفهم تعقيدات المجتمع اليمني بتنوّعه القبلي والسياسي، فكان قريباً من الناس، ملمّاً بتفاصيل الواقع، مدركاً لطبيعة الصراع، ومؤمناً بأن السياسة فن الممكن، وبأن الحفاظ على الدولة أولوية لا تعلوها أولوية.
لقد اختلف الناس حوله، كما يختلفون حول كل القادة الكبار، لكنهم اتفقوا على أنه كان رقماً صعباً في المعادلة اليمنية والعربية، وأن غيابه شكّل محطة فارقة في تاريخ اليمن. وسيبقى اسمه حاضراً في ذاكرة الوطن، لا بوصفه رئيساً فحسب، بل قائداً عربياً وقومياً حمل مشروع دولة، ودافع عن سيادتها، وكتب فصلاً لا يُمحى من تاريخ اليمن الحديث.
وهكذا، فإن التأريخ – وهو الحكم العادل – سيظل يدوّن علي عبدالله صالح في أنصع صفحاته، كزعيمٍ صنع الحدث، وترك الأثر، ورحل وبقيت سيرته شاهدة على مرحلة كاملة من تاريخ وطنٍ وأمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news