حضرموت: أصالة الجذور واستحقاق المستقبل

     
وطن نيوز             عدد المشاهدات : 60 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
حضرموت: أصالة الجذور واستحقاق المستقبل

في خضم الأمواج المتلاطمة التي تضرب السواحل اليمنية، والرمال المتحركة التي تعيد تشكيل الخارطة السياسية في جنوب الجزيرة العربية، تقف "حضرموت" اليوم كالجبل الراسخ، تستند إلى تاريخ ضارب في عمق الزمن، وتتطلع إلى مستقبل بات فيه "تقرير المصير" ضرورة وجودية، لا ترفاً سياسياً.

لم تكن حضرموت يوماً مجرد رقعة جغرافية عابرة أو ملحقاً إدارياً فائضاً؛ بل كانت ولا تزال "أمة" بمفهومها الحضاري، تمتلك شخصيتها الاعتبارية المستقلة التي صهرتها قرون من الهجرة والتجارة ونشر الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.

 هذه "أصالة الجذور" هي التي تمنح الحضارم اليوم المناعة ضد محاولات التذويب، والقدرة على الصمود في وجه مشاريع الهيمنة المتصارعة.

الجذور التي لا تموت عندما نتحدث عن الجذور، فإننا نستحضر إرثاً سياسياً مستقلاً، حيث كانت السلطنات الحضرمية (القعيطي والكثيري والمهرية) تدير شؤونها بعلاقات دولية وسيادة داخلية، وتمتلك مؤسسات مدنية وعسكرية سبقت محيطها بعقود. 

إن ما حدث في عام 1967 من "ضم قسري" لكيانات حضرموت المستقلة في إطار دولة مركزية، ثم الدخول في وحدة اندماجية عام 1990، لم يكن سوى انحراف تاريخي دفع الحضارم ثمنه غالياً من أمنهم وثرواتهم وهويتهم.

اليوم، وفي ظل الصراعات الحالية التي تعصف باليمن، تحاول أطراف متعددة استنساخ تجارب الماضي، عبر التعامل مع حضرموت كـ "خزان نفطي" لتمويل حروب المركز، أو كـ "رقم انتخابي" لشرعنه مشاريع سياسية لا تعبر عن طموحات أبناء الأرض. هنا، يبرز الصوت الحضرمي ليقول: "كفى". 

إن العودة للجذور ليست نكوصاً للماضي، بل هي استدعاء لنموذج "الدولة المدنية" التي عرفها الحضارم وأضاعها الآخرون.

استحقاق المستقبل: تقرير المصير كضرورة أمنية إن المطالبة بحق تقرير المصير لحضرموت اليوم ليست دعوة للفوضى أو التجزئة، بل هي قراءة واقعية لمآلات الصراع. 

لقد أثبتت العقود الماضية فشل الدولة المركزية (سواء في صنعاء أو عدن) في توفير الحد الأدنى من الحماية والخدمات لحضرموت. إن مشهد "الانفصال العلاجي" يلوح في الأفق كخيار قانوني وشرعي، استناداً إلى مبدأ أن الشعوب التي تتعرض للتهميش الممنهج ونهب الثروات، وتفشل الدولة الحاضنة في حمايتها، تمتلك الحق الكامل في تحديد مصيرها.

إن الواقع الأمني في وادي حضرموت، حيث لا تزال قوات من خارج النسيج الاجتماعي تفرض سيطرتها، يقف شاهداً على هذا الاختلال. في المقابل، قدمت حضرموت نموذجاً ناصعاً في ساحل حضرموت عبر "قوات النخبة الحضرمية"، التي أثبتت أن أبناء الأرض هم الأقدر على مكافحة الإرهاب وتأمين الملاحة الدولية وحماية الاستقرار. هذا النجاح الأمني هو أحد ركائز "استحقاق المستقبل"؛ فمن يملك القدرة على حماية أرضه، يملك الحق في حكمها.

حضرموت في قلب المعادلة الإقليمية إن العالم والإقليم يدركون اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن استقرار المنطقة مرهون باستقرار حضرموت. فحضرموت المستقلة بقرارها، والغنية بمواردها، والمنفتحة بثقافتها الوسطية، تشكل "منطقة عازلة" آمنة، وحاجز صد منيع ضد التمددات الأيديولوجية المتطرفة أو المشاريع السلالية. 

إن تمكين حضرموت من تقرير مصيرها (سواء كدولة مستقلة أو إقليم فيدرالي بشروط سيادية كاملة) هو مصلحة إقليمية ودولية قبل أن يكون مطلباً محلياً.

الخلاصة إن اللحظة الراهنة لا تحتمل الحياد. نحن أمام مفترق طرق تاريخي: إما أن تبقى حضرموت ساحة لتصفية حسابات الآخرين ووقوداً لحروبهم، وإما أن تنتزع زمام المبادرة لتفرض معادلتها الخاصة. إن الجمع بين "أصالة الجذور" المتمثلة في الهوية والتاريخ، “استحقاق المستقبل"  المتمثل في السيادة وإدارة الموارد، هو المشروع الوطني الذي يجب أن يلتف حوله كل حضرمي، من رمال الربع الخالي إلى شواطئ بحر العرب وكل حضرمي في العالم.

لقد قال التاريخ كلمته، وحان الوقت لتقول الجغرافيا والسياسة كلمتها: حضرموت سيدة قرارها.

#حضرموت_تقرر_مصيرها

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

تطور خطير في صنعاء: مليشيات الحوثي تعتقل ”الحاوري”

المشهد اليمني | 673 قراءة 

باحث سعودي: مفاوضات الحل السياسي في اليمن تتقدم والانتقالي أقحم نفسه في ورطة وسقط في الفخ

المشهد اليمني | 568 قراءة 

طبول الحرب تُقرع شرق حضرموت.. تحركات عسكرية مقلقة تهدد سيئون

العين الثالثة | 505 قراءة 

الكشف عن حقيقة القرار السعودي الأخير المتعلق باليمن

نيوز لاين | 483 قراءة 

القوات الجنوبية تخوض اشتباكات عنيفة في طور الباحة والطيران يتدخل

نافذة اليمن | 457 قراءة 

الكشف عن ترتيبات جديدة وتحريك فعلي للمسار السياسي في اليمن

وطن نيوز | 449 قراءة 

العبر على صفيح ساخن.. وحشود مسلـ.ـحة تحشد قرب ثمود لمهاجمة وادي حضرموت

صوت العاصمة | 393 قراءة 

محمد العرب يوجّه رسالة تحذير للزبيدي: وهم القوة يقود إلى مصير دقلو

نيوز لاين | 388 قراءة 

حادثة مأساوية: تزويج طفلة لرجل ثلاثيني ينتهي بصدمة تقلب حياتها

نيوز لاين | 292 قراءة 

الانتقالي ينقل الأسلحة والدبابات الثقيلة من معسكر الخشعة باتجاه شبوة

قناة المهرية | 266 قراءة