كتب / ليان صالح
وأنا أتابع الزخم الثوري المتدفق من مخيم الاعتصام بمحافظة أبين، وقد دخل أسبوعه الثاني، أزعم أننا لم نعد أمام حدث احتجاجي عابر أو تظاهرة مطلبية قابلة للاحتواء بمسكنات السياسة التقليدية. فما تشهده أبين اليوم، تحت شمس الجنوب وفي ساحاته المكتظة بالطوفان البشري، هو لحظة فارقة طالما حاول البعض القفز فوقها أو تأجيلها.
إننا نقف اليوم أمام مشهد يعيد رسم الخريطة، لا بالحبر على الورق، بل بإرادة شعبٍ يصنع التاريخ.
ولنكن واضحين منذ السطر الأول؛ فهذا الزخم الشعبي الواسع الذي تشهده محافظة أبين يحمل في طياته دلالات عميقة تتجاوز ما قد تعكسه عناوين الأخبار العاجلة. فهذه الجماهير التي تفترش الأرض وتلتحف السماء لأكثر من أسبوع، لم تخرج لتقول كلمة وتمضي، بل خرجت لتكتب وثيقة ميلاد دولة، ولتؤكد حقيقة راسخة مفادها أن قضية الجنوب قد غادرت النفق المظلم، متجهة نحو إشراقة شمس جديدة.
والمتتبع لهذا المشهد يدرك حجم التلاحم الشعبي غير المسبوق، حيث تتوحد كل فئات المجتمع، على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم، في صفٍ واحد يجمعهم الولاء للوطن، في صورة تجسد وحدة الهدف والمصير. فالشعور السائد في مخيم الاعتصام بأبين ليس اندفاعًا عاطفيًا عابرًا، بل يقين استراتيجي بأن استعادة الدولة الجنوبية لم تعد خيارًا قابلًا للنقاش أو التفاوض، بل أصبحت حقيقة واقعة، وقدرًا محتومًا، وضرورة لا تقبل التأجيل.
والحقيقة التي يجب أن تُقال وبصوتٍ عالٍ، أن الفضل في هذا التماسك والتنظيم يعود إلى حنكة المناضل الأستاذ سمير الحييد، رئيس الهيئة التنفيذية لانتقالي أبين، الذي نجح في لمّ الشمل وفتح ذراعيه للجميع، واضعًا مصلحة الجنوب فوق كل اعتبار، ومؤكدًا أن لا مكان للأحقاد في معركة الوطن.
ختامًا، يمكن القول إن هذا الشعب قد بلغ مرحلة متقدمة من الوعي السياسي، وامتلك من العزيمة والاستعداد للتضحية والفداء ما يجعل من المستحيل—وأكرر المستحيل—إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
لقد أثبتت أيام الاعتصام الماضية أننا أمام شعب صلب، لا يلين، ماضٍ بإصرار وصمود حتى تحقيق الهدف المنشود.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news