خرجت أمٌ من محافظة تعز محمّلة بالأمل، تقطع مئات الكيلومترات نحو صنعاء، لا لشيء سوى أن ترى ابنها المعتقل منذ سنوات في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية.
كانت تعتقد أن أسوأ ما يمكن أن تواجهه هو الرفض أو التأجيل، لكنها لم تكن تعلم أن رحلتها ستنتهي أمام ثلاجة موتى.
منذ عام 2019، اختفى مصير الدكتور عمر أحمد عبدالله السامعي داخل سجون الحوثيين. لا زيارة، لا اتصال، ولا حتى معلومة تطمئن قلب أمٍ أنهكها الانتظار.
وعلى مدى سنوات، كانت الأسرة تعيش بين الشك والأمل، فيما كانت المليشيا تمارس سياسة الإخفاء القسري كجزء من سلوكها الإرهابي الممنهج.
قبل أيام، قررت الأم أن تخوض الرحلة بنفسها تنقلت بين السجون والأجهزة الأمنية ومكاتب المشرفين الحوثيين، تتوسل خبراً عن ابنها.
وبعد ساعات من الدوران والإنكار، اقتادها أحد المشرفين – ببرود لا إنساني – إلى مستشفى 48 في صنعاء. هناك، لم تُفتح لها أبواب الزيارة، بل فُتحت ثلاجة الموتى.
في تلك اللحظة، انهار كل شيء. رأت الأم جثمان ابنها، فعرفت أن الحوثيين لم يكتفوا باعتقاله وتعذيبه حتى الموت، بل أخفوا خبر وفاته لسنوات، وحرموها من حقها الطبيعي في الوداع. الصدمة كانت أقسى من أن تُحتمل، فسقطت مغشيًا عليها ودخلت في غيبوبة.
تقرير طبي صادر عن المستشفى أكد أن الدكتور عمر السامعي توفي في 11 يونيو 2020، أي قبل نحو خمس سنوات، دون إبلاغ أسرته أو تسليم جثمانه، في جريمة مركّبة تجمع بين القتل تحت التعذيب، والإخفاء القسري، وانتهاك الكرامة الإنسانية.
ليست هذه القصة استثناءً، بل نموذجًا صارخًا لنهج مليشيا الحوثي الإرهابية في التعامل مع المعتقلين وأسرهم: سجون مغلقة، مصائر مجهولة، وأمهات يُدفن أبناؤهن مرتين… مرة في الزنازين، ومرة في القلوب.
رحلة تلك الأم لم تكن زيارة، بل شهادة حيّة على إرهاب لا يزال يمارس بصمت، وعلى جريمة لا تسقط بالتقادم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news