اليمن .. تسعة أعوام بين الحرب وأكذوبة السلام
قبل 20 دقيقة
تعيش اليمن منذ ما يقارب تسعة أعوام في حالة وسطية غريبة؛ فلا الحرب انتهت ولا السلام تحقق. هي سنوات تاهت فيها البلاد بين وعودٍ تتكرر ومفاوضات لا تثمر، وبين واقعٍ يزداد قسوةً يوماً بعد يوم. مناوشات متقطعة، وعمليات قتل واختطاف، واعتقالات وتعذيب، وتهجير قسري وتشريد لآلاف الأسر، إلى جانب تدهورٍ معيشي واقتصادي حاد جعل الملايين يكافحون لتأمين احتياجاتهم الأساسية. وهكذا تتراكم الأزمات، وتتواصل المعاناة اليومية لليمنيين داخل الوطن بلا أي أفق حقيقي للخروج من النفق.
في المقابل، لا تتوقف اللقاءات الخارجية، ولا تغيب الحوارات والمشاورات عن شاشات الإعلام. بيانات أممية ودولية تشيد بدعم السلام في اليمن، وتصريحات تؤكد على سيادة البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها، وتوصيات تحث الأطراف على التهدئة ومنع التصعيد وضرورة الالتزام بالمسار السلمي. إلا أن كل تلك الجهود لم يلمس المواطن أثرها على أرض الواقع، وبقيت مجرد عناوين تتكرر في المؤتمرات ومراكز الأبحاث وغرف النقاش الدبلوماسي.
تمر حلقات مسلسل “أكاذيب السلام” السنوية في أروقة الأمم المتحدة وفي جلسات المباحثات العربية والإقليمية والدولية، حيث تُكتب نتائجها بعناية في بيانات ختامية لا تغيّر شيئاً في تفاصيل الحياة اليمنية اليومية. فبينما يحتفي الوسط الدولي بتجدد الوعود، يستمر في الداخل اليمني تصاعد الصراعات واتساع الانقسامات، وتتضاعف الكوارث، وتنهك الأزمات الشعب، وترتفع أصوات الباطل لتتجاوز القانون، وتضيع الحقوق، ويُساء للكرامة الإنسانية، وتُقيَّد الحريات.
فأيُّ سلامٍ هذا الذي يُقال إنه قادم؟ سلام بلا بنود واضحة، ولا ضمانات، ولا جدولٍ زمني لبدئه أو انتهاءه. سلام بلا آلية تنفيذ، ولا عقوبات لمن يعرقل أو يماطل أو يتنصل من التزاماته. سلام لا يشبه السلام، بل يشبه هدنةً طويلةً مهلهلة تُترك فيها اليمن ساحة مفتوحة للتجاذبات والصراعات.
إن السلام الحقيقي ليس كلمات تُتلى في المؤتمرات، بل هو إرادة صادقة تُترجم إلى واقع يشعر به المواطن قبل أن يسمعه في نشرات الأخبار. وحتى يتحقق ذلك، سيظل اليمنيون يعيشون بين حربٍ لا تتوقف وسلامٍ لا يأتي، يتشبثون بالأمل رغم كل شيء، بانتظار فجرٍ تُكتب فيه نهاية هذه المعاناة الطويلة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news