وصف المحلل السياسي فارس البيل موقف المملكة العربية السعودية من أحداث حضرموت، بالواضح والناضج، مشيراً إلى حرص الرياض على تماسك الشرعية اليمنية ومنع أي كيانات موازية للدولة.
وفي هذا السياق، وصل وفد عسكري سعودي إماراتي، مساء الجمعة 12 ديسمبر/كانون الأول 2025، بشكل مفاجئ إلى القصر الرئاسي في مدينة عدن، حيث جرى استقباله بأعلام المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. وتأتي هذه الزيارة بعد أيام قليلة من سيطرة مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن.
مصادر مطلعة أوضحت أن مهمة الفريق العسكري المشترك تتمثل في وضع الآليات اللازمة لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي من المحافظتين، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إضافة إلى مناقشة الترتيبات الخاصة بتسليم تلك المواقع والمعسكرات إلى قوات درع الوطن، وذلك وفق إجراءات منسقة وتحت إشراف قيادة التحالف. وأكدت أن هذه الخطوة تعكس رفض قيادة التحالف، بقيادة السعودية، للإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي في حضرموت، ومحاولاته فرض واقع جديد بالقوة أو جر المحافظة إلى نزاعات داخلية، مشيرة إلى أن المملكة تواصل جهودها لإنهاء التصعيد وإيجاد حل للأزمة الراهنة.
وتزامن وصول الوفد العسكري إلى عدن مع لقاء موسع عقده الوفد السعودي في وادي حضرموت، برئاسة اللواء الدكتور محمد بن عبيد القحطاني، مع السلطة المحلية ممثلة بالمحافظ سالم الخنبشي، إلى جانب قيادات ومرجعيات حضرموت ومجلس الشورى والكتلة البرلمانية.
وخلال اللقاء، شدد اللواء القحطاني على موقف المملكة الرافض لأي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة والسلطة المحلية في حضرموت، مؤكداً أن هذا الموقف يستند إلى روابط تاريخية وجوار جغرافي وعلاقات اجتماعية وثيقة بين المملكة والمحافظة. وأوضح أن لقاءات الوفد تهدف إلى تعزيز التهدئة، مشيداً بالمواقف الوطنية التي أظهرتها القبائل والمرجعيات والكتلة البرلمانية، والتي وصفها بأنها تعكس عمق الوعي الحضارمي القائم على السلم وحل الخلافات بالحكمة.
القحطاني خاطب المجتمعين قائلاً إنهم جسدوا معاني الحكمة وضبط النفس حين قدموا المصلحة العليا للمحافظة على أي مواجهة مسلحة، مؤكداً أن هذه الجهود تمثل علامة فارقة في تعزيز النسيج الاجتماعي وتهيئة الأجواء للاستقرار.
من جانبه، أكد المحافظ سالم الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تعزز أواصر الأخوة والجوار والعقيدة المشتركة بين حضرموت والمملكة، مشيداً بالمواقف الداعمة التي تقدمها السعودية للمحافظة في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة. وأوضح أن هذه الزيارة تمثل دعماً للسلطة المحلية في مواجهة التحديات الاقتصادية والخدمية والأمنية والتخفيف من معاناة المواطنين.
كما عبر المجتمعون عن تقديرهم للمملكة قيادةً وحكومةً وشعباً، مؤكدين أن حضرموت ترتبط تاريخياً واجتماعياً بالمملكة، وأن أمن المحافظة جزء لا يتجزأ من أمنها. وأشاد أعضاء الكتلة البرلمانية ومرجعيات القبائل بالموقف السعودي الحازم تجاه دخول قوات المجلس الانتقالي إلى وادي حضرموت، معتبرين أن استجابة المملكة لنداء المحافظة شكلت تطميناً مهماً لكافة شرائح المجتمع.
ورحب رئيس الكتلة البرلمانية الشيخ صالح العامري وشيخ قبائل حضرموت عبدالله صالح الكثيري بالوفد السعودي، مشيدين بجهود المملكة في تحقيق التهدئة والاستقرار. وأكدا أن تولي قيادة أمن حضرموت من أبناء المحافظة يمثل مطلباً أساسياً لضمان استقرار حقيقي ومستدام، وأن وقوف المملكة إلى جانب حضرموت في هذه المرحلة الحساسة رسالة اطمئنان لكل أبنائها.
تعليق رئاسة الجمهورية
من جانبه، أكد مصدر مسؤول في مكتب رئاسة الجمهورية، الجمعة 12 ديسمبر/كانون الأول 2025، تقدير القيادة اليمنية للجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة، من أجل تهدئة الأوضاع وإعادة تطبيع الحياة في المحافظات الشرقية، وذلك عقب وصول فريق عسكري مشترك إلى العاصمة المؤقتة عدن.
وأوضح المصدر أن زيارة الفريق العسكري السعودي الإماراتي تأتي في إطار مساعٍ مشتركة لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، وإعادة الأوضاع في المحافظات الشرقية إلى ما كانت عليه، بما يضمن استقرار المرحلة الانتقالية.
وأضاف أن المملكة العربية السعودية تضطلع بدور أساسي في قيادة جهود التهدئة، انطلاقاً من حرصها المستمر على أمن اليمن واستقراره، وعلى تحسين الظروف المعيشية للشعب اليمني.
وأشار المصدر إلى أن التحركات الجارية تركز على إعادة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي في المحافظات الشرقية، مع الالتزام بالمرجعيات الناظمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.
وبيّن أن المشاورات التي سيجريها الفريق العسكري المشترك في عدن ستتناول معالجة الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يشمل مغادرة أي قوات مستقدمة من خارج المحافظات الشرقية، وتمكين الحكومة والسلطات المحلية من ممارسة مهامها وفق الدستور والقانون، دون منازعة صلاحياتها الحصرية.
وشدد المصدر على أن قيادة الدولة ترى أن أي تصعيد إضافي من شأنه أن يبدد المكاسب المحققة، ويصرف الانتباه عن المعركة ضد المليشيات الحوثية، فضلاً عن تقويض الإصلاحات الاقتصادية وزيادة حدة الأزمة الإنسانية.
وأكد المصدر حرص القيادة اليمنية على تغليب الحلول السياسية، ودعم جهود الأشقاء في السعودية والإمارات، والعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين للحفاظ على وحدة الصف في مواجهة التهديدات الإرهابية الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news