انطلقت موجة من الغضب والاستنكار في أوساط المجتمع اليمني، لا سيما في العاصمة صنعاء، عقب إطلاق لافتة كبرى في حي "حدة" الراقي، تضمنت ما أُطلق عليه "قاعدة تسيير الزواج" لأهالي الحي. اللافتة، التي لم يُعرف حتى الآن الجهة المسؤولة عنها، حددت مبالغ ثابتة للخطوبة والمهر، وفرضت غرامة مالية على من يخالفها، مما اعتبره كثيرون تدخلاً سافراً في الشؤون الأسرية والخصوصية، ومحاولة لـ"تسعير" المرأة وتحويل الزواج إلى صفقة تجارية.
تفاصيل "القاعدة المثيرة للجدل"
وفقاً لما ورد في اللافتة التي انتشرت صورها بشكل واسع، تم تحديد "أسس" واضحة لإتمام عقد القران، حيث نصت البنود على ما يلي:
مهر البكر:
مليون ونصف المليون ريال يمني.
مهر الثيب (الأرملة أو المطلقة):
750 ألف ريال يمني.
مبلغ الخطوبة للبكر:
300 ألف ريال يمني.
مبلغ الخطوبة للثيب:
150 ألف ريال يمني.
غرامة المخالفة:
فرض غرامة قدرها 500 ألف ريال يمني على أي شخص أو أسرة تتجاوز هذه المبالغ المحددة.
غضب شعبي وهجوم على "تسليع" العلاقات الأسرية
لم تمر هذه المبادرة مرور الكرام، حيث أثارت حفيظة آلاف المواطنين على منصات التواصل الاجتماعي، الذين عبروا عن غضبهم الشديد ورفضهم القاطع لهذه "القواعد".
واعتبر مراقبون وناشطون أن هذه الخطوة تمثل "تدخلاً سافراً ومهيناً" في أصغر تفاصيل الحياة الخاصة للأسر اليمنية، وتتجاوز صلاحيات أي جهة كانت. وقال أحد الناشطين: "الزواج في ثقافتنا ومجتمعنا ميثاق غليظ يُبنى على التراضي والمودة والاحترام بين الأسرتين، وليس عملية تُدار بلوائح وغرامات تقلل من قيمة الإنسان وتحول المرأة إلى مجرد سلعة لها سعر ثابت".
ووصف آخرون اللافتة بأنها "محاولة يائسة وغير مقبولة لمعالجة أزمة ارتفاع المهور"، مؤكدين أن الحل يكمن في توعية المجتمع وتشجيع الزواج المبكر بتكاليف معقولة، وليس في فرض قيود تعسفية تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي جعلت المهر حقاً للمرأة وأطلقت الأمر فيه للتراضي بين الطرفين.
دعوات لإزالة اللافتة وتوجيه الجهود للأزمات الحقيقية
تصاعدت الدعوات المطالبة بإزالة اللافتة فوراً، ومحاسبة الجهة التي تقف وراءها. وطالب الكثيرون الجهات المعنية في العاصمة بالتدخل وإنهاء هذا الجدل الذي أثار استياءً عاماً.
كما طالب آخرون بتوجيه الجهود نحو معالجة الأزمات الحقيقية التي يعاني منها اليمنيون، مثل الوضع الاقتصادي المتدهور، البطالة، وانعدام الأمن، بدلاً من "نشر ثقافة تجارية مرفوضة في أقدس العلاقات الإنسانية".
ويأتي هذا الجدل ليسلط الضوء على التوتر الاجتماعي الحاصل في اليمن، حيث تحاول بعض الجهات فرض رؤى خاصة على المجتمع، بينما يصرّ غالبية المواطنين على الحفاظ على التقاليد والأعراف الاجتماعية التي تحترم كرامة الإنسان وتترك للأسرة حرية اتخاذ قراراتها المصيرية بعيداً عن أي إكراه أو "تسعير".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news