دَنا بكَ النأيُ، فاجمَع مَن نَأى ودَنا
وأَدرِكِ الرّوحَ، كي لا تَخسَرَ البَدنا
قدِ انتَظرناكَ حتى لم يَعد نَفَـسٌ
وقد بَكَيناكَ.. حتى لا عيونَ لنا
وقد تعامَيتَ حتى لا سبيلَ إلى
خروجِنا مِن غُبارٍ يُشبِهُ الكَفنا
تَرَكـتَنا.. والإبـاءُ التُّـبَّـعِيُّ على
أَسَى الوُجُوهِ نَبيٌّ يَجتدي وَثَنا
إذا ذَكَرناكَ قلنا: حان مَقــدَمُهُ
وإن نَسِيناكَ.. زِدنا فَقدَنا شَجَنا
وأنتَ ما زلتَ حُلْمًا لا صباحَ له
ومَوعِدًا في نوايا الغَيبِ مُكتَمِنا
تُحِيلُنا كُلَّ عَصرٍ صَوبَ إِمَّعةٍ
وما عَرفناهُ إلّا سافكًا دَمَنا
يا آهِلَ الفَقدِ.. هذا عَصرُكَ اكتمَلَت
أَشراطُهُ، فلماذا أنتَ لستَ هُنا؟!
لِكُلِّ شَعبٍ وأَرضٍ قائدٌ بطلٌ
فأين أنتَ، هَرِمنا حَسرةً وعَنا
أَلَا تَرى كيف صِرنا تائِهِينَ بلا
قضيّةٍ، أَو بلادٍ تَجمَـعُ المُـدُنا
تَقَـدَّمَ الخَلقُ.. صارُوا في الفضاءِ.. وما
نَزالُ مِن أَلفِ عامٍ نَعلِكُ الوَهَنا
طُموحُنا لم يُجاوِز قُطـرَ مائدةٍ
وبأسُنا ما تَخطَّى “الغُصنَ والتّتنا”
وكُلُّ حَربٍ دَخَلنا جُحرَها خَرَجَت
سَليمةً.. وخَرَجنا نَقسِمُ اليَـ ـمَـنا!
الناسُ تَخسَرُ فَردًا كي تَرى وَطنًا
ونحن مِن أجلِ فردٍ نَخسَرُ الوَطنا
ولم نزل في خِصامٍ، والخُصومُ على
فِراشِنا، يُنجِبون الحَربَ، والهُـدَنا
وما لهم -إِن أَزَحنا الوَهمَ- أَقنِعـةٌ
فقد بدا كُلُّ سِـرٍّ بينهم عَلَــنا
سوى الصواريخِ ما مِن فكرةٍ صَعَدَت
إلّا التي بالضَّحايا تُطلِقُ السُّجَنا
وأَوَّلُ الحَربِ أَفشَى ما نِهايتُها
لو أنّنا لم نُكذّب حَدسَنا الفَطِنا
كيف السبيلُ إلى ما يَشتهي يمنٌ
ومالُ (رَملةَ) يُعمي العَينَ والأذُنا!
***
يا ثالثَ اثنَينِ غابَا قبل أَن يَصِلَا
إلى البدايةِ؛ عَجِّل.. واسبقِ الزّمَنا
مَن عُمرُهُ أَلفُ عامٍ لا يَليقُ به
أَن يَحذَرَ الغَدرَ، ثار البحرُ، أَو سَكَنا
جَـدِّف بأضلاعِ غَرقَى أَنتَ شاطئُهُم
فإنّ مَن أَغرقُوهُم أَحرَقُوا السُّفنا
لا تَنتظِر مِن غَمامِ النارِ فاكهةً..
إذا الإمامةُ غامَت أمطَرَت “كُتنا”
ولا تَثِق في عَميلٍ باعَ موطِنَهُ
إذا العَميلُ تَعافَى عاشَ مُرتَهَنا
ولا تُسِل في عِتابِ الخاذِلِينَ دَمًا
لا يَخذلُ الحَـقَّ إلَّا أَهلُهُ الجُبَنا
تَحُزُّ في النفسِ شَكوى نازفٍ نَفِدَت
دماؤُهُ، وهو لمّا يَدرِ مَن طَعَنا
لا تَنتظِر، لن يَعودَ الهاربونَ على
دبّابةٍ، كي يُعيدوا الأَمنَ والسّكَنا
يا آخِرَ الأَهلِ.. صار الشّعبُ أَربعةً
وأَصبَحَت (نحنُ) أدنَى مِن (أَنا) و(أَنا)
تنازَعُوا كُلَّ حَيٍّ مِن بلادِهمُو
وصَنَّفوا كُلَّ بيتٍ (ضِدّنا – مَعنا)
وأعتَقوها.. ولكن مِن كرامتِِها
وكُلُّهُم -حين هانَت- رأسَهُ دَفَنا
لسنا وإن قَطّعُونا فوقها إِرَبًا
نَرضَى بتقطيعِ (صَنعا) أُختَها (عَدَنا)
سيَفتَحُ اللهُ بابًا لِلسّعيدةِ كي
تُعِيدَ مِن كُلِّ عَينٍ وَجهَها الحَسَنا
وتَدفَعَ الشَّرَّ عنها وهي وَاقفةٌ
ونحنُ لا بُدَّ مِن أن نَدفَعَ الثّمنا
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news