أكد المحلل العسكري العميد الركن محمد عبدالله الكميم أن مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي ارتكبت سلسلة من الأخطاء الاستراتيجية الجسيمة التي ألحقـت أضراراً بالغة ببنية القوات المسلحة اليمنية، عبر تفتيت وحدات عسكرية كاملة أغلب منتسبيها من أبناء الجنوب، رغم أنها لم تكن تمثل أي تهديد لمكتسبات الانتقالي أو وجوده.
وقال الكميم إن تلك الوحدات كانت تنتشر في قطاعات حيوية داخل مسرح العمليات الحربية للجمهورية اليمنية، وكان يمكن أن تشكل رافداً مهماً في معركة اليمنيين ضد ميليشيا الحوثي لو طُلب منها التحرك، متسائلاً عن الجهة المستفيدة من تفكيكها. وأضاف أن المستفيد الأول هو ميليشيا الحوثي، في حين يسعى الانتقالي اليوم لملء تلك الجغرافيا بقوات تابعة له بدلاً من الحفاظ على الجهود موجّهة نحو المعركة الحقيقية.
وأشار الكميم إلى أن المجلس الانتقالي ارتكب ـ بحسب وصفه ـ أخطاء استراتيجية كارثية استنزفت قدراته وقدرات القوات المسلحة، سواء عبر التدمير أو عبر تحريك وحدات عسكرية إلى اتجاهات لا علاقة لها بجبهات القتال، ما أدى إلى ترك مواقع حيوية بلا حماية وتسريح وحدات ذات قيمة عالية في مرحلة كان اليمن بحاجة فيها إلى كل جندي.
وقدّم مثالاً على ذلك باللواء 123 مشاة المتمركز في مديرية حات القريبة من الحدود العُمانية، موضحاً أن هذا اللواء جنوبي القيادة والهوية بنسبة تتجاوز 85% من أفراده، ويعد أحد أهم ألوية العمق الدفاعي. وأكد أن اللواء تم تفتيته بالكامل، وتعرضت معداته وأسلحته للنهب من بعض القبائل والبدو، حتى بدا وكأنه يُزال من الخارطة عمداً، لافتاً إلى أن بعض الأسلحة المهمة لا تزال محفوظة لدى قبائل بلحاف.
وأوضح أن تلك الأسلحة قد تشكل خطراً على الأمن القومي اليمني والعربي، ولا يُستبعد وصولها إلى ميليشيا الحوثي أو غيرها من التنظيمات الإرهابية، مؤكداً أن الأمر تكرر مع ألوية عدة في حضرموت، خصوصاً في الوادي والصحراء، رغم أنها لم تكن تمثل أي تهديد. وأضاف أن هذه الوحدات كان يمكن نقلها أو إعادة تموضعها بقرار عسكري بسيط بدلاً من إضعافها أو تدميرها.
وتساءل الكميم عن أسباب هذا العبث ـ كما وصفه ـ وهذا الإصرار على ارتكاب أخطاء استراتيجية بهذا الحجم، مقرونة بانتهاكات وجرائم مرافقة لها. وقال إن ما يقوم به المجلس الانتقالي اليوم ليس مجرد سوء تقدير، بل تفريغ للجغرافيا العسكرية وتسليم غير مباشر لأوراق القوة لصالح الحوثي، وتمزيق متعمّد لقدرات الدولة اليمنية وقواتها الوطنية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news