دفعت مليشيا الحوثي خلال الأيام الماضية بتعزيزات عسكرية جديدة قادمة من صنعاء وذمار نحو خطوط التماس في محافظتي الضالع وتعز، في خطوة أثارت قلقاً محلياً ودولياً من اندلاع جولة قتال جديدة، مؤكدة رفض الجماعة لأي مسار يؤدي إلى السلام وإصرارها على توسيع نطاق الحرب وتقويض جهود التهدئة الأممية.
وكشف مصدر عسكري يمني مطلع، أن المليشيا حشدت عشرات العربات العسكرية والشاحنات المحملة بمئات المجندين الجدد، الذين استقطبتهم عبر حملات تجنيد قسرية في القرى والأحياء الخاضعة لسيطرتها في صنعاء وذمار. وأضاف المصدر أن هذه التعزيزات وصلت على دفعات متلاحقة ضمن تحركات مكثفة وسريعة.
وأوضح المصدر أن محافظة ذمار وحدها (100 كلم جنوب صنعاء) شهدت خلال اليومين الماضيين خروج أكثر من 11 آلية عسكرية و8 شاحنات محملة بمقاتلين جدد نحو جبهات الضالع، بالتزامن مع تحركات مماثلة نحو الجبهات الشمالية لتعز.
وأشار شهود عيان في محافظة إب إلى مرور قوافل عسكرية للمليشيا، بعضها محمّل بمقاتلين بزي عسكري، متجهة نحو الضالع عبر الخط الرابط بين المحافظتين.
ويرى مراقبون أن هذا الحشد يمثل مؤشراً واضحاً على استعداد المليشيا لمرحلة تصعيد جديدة، خاصة في ظل حالة الانسداد السياسي، وسط تحذيرات أممية من انهيار فرص السلام واستمرار تدهور الأوضاع الإنسانية. وأضاف المراقبون أن المليشيا المدعومة من إيران تسعى إلى فرض واقع عسكري جديد يمنحها أوراق قوة إضافية في أي مفاوضات مستقبلية.
وترافقت هذه التحركات مع استحداث مواقع وثكنات عسكرية جديدة، وشق طرق فرعية لتأمين مرور الإمدادات، إلى جانب عمليات رصد واستطلاع مستمرة عبر الطائرات المسيّرة في محيط خطوط التماس. وأكدت مصادر عسكرية وقوع اشتباكات متقطعة في عدة محاور بالضالع بالتزامن مع وصول التعزيزات.
مراوغة متكررة واستهداف المدنيين
تتهم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، مليشيا الحوثي باستغلال فترات التهدئة لإعادة ترتيب صفوفها وتجديد مخزونها البشري والعسكري عبر حملات تجنيد مكثفة تستهدف القاصرين والشباب العاطلين عن العمل. وأظهرت بيانات الجيش توثيق أكثر من 1924 خرقاً للتهدئة خلال 12 يوماً، منها 50 خرقاً في جبهات الضالع، فيما توزعت الخروق الأخرى بين مأرب وتعز والحديدة.
وتنوعت الخروق بين قنص واستهداف بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، وشن هجمات محدودة على مواقع الجيش، والتحليق بالطيران المسيّر، واستحداث حفر وخنادق وتحصينات، وزراعة الألغام الأرضية التي تزيد معاناة المدنيين.
وكانت القوات الحكومية قد أجهضت في السابق محاولات تسلل وتعزيزات قادمة من إب وذمار نحو الضالع، فيما شهدت صفوف المقاتلين الحوثيين مواجهات داخلية بسبب رفض كثير من المجندين تنفيذ هجمات نتيجة نقص الإمدادات وانقطاع المرتبات، إضافة إلى الاستياء من الممارسات العنصرية وتفضيل أقارب زعيم الجماعة في التعيينات.
تعز.. تصعيد متواصل
بالتزامن مع تحشيدات الضالع، شهدت محافظة تعز موجة جديدة من الاشتباكات، أسفرت عن مقتل جنديين من اللواء 22 هما: هب علي عبد الله الصبري ويعقوب عبده دحان العاقل، في الجبهة الشرقية للمدينة.
وقالت مصادر عسكرية إن الجبهات الشرقية شهدت تبادلاً للقصف المدفعي خلال اليومين الماضيين، بينما دفعت المليشيا بتعزيزات بشرية وآليات قتالية إلى أطراف المدينة واستحدثت معسكراً جديداً في الجهة الشمالية، في خطوة اعتبرتها القوات الحكومية مؤشراً على خطة هجومية محتملة.
كما واصلت مليشيا الحوثي استهداف المناطق السكنية بالقذائف، ما أسفر عن إصابة طفلين بشظايا متفرقة، ضمن نمط متكرر لاستهداف المدنيين في المدينة المحاصرة منذ سنوات.
وتتصاعد المخاوف من أن تؤدي هذه التحشيدات إلى اندلاع موجة واسعة من القتال في الضالع وتعز، في وقت يعيش ملايين اليمنيين تحت خط الفقر المدقع، وسط تدهور الخدمات وانقطاع الرواتب، واتساع رقعة المجاعة في مناطق سيطرة المليشيا.
ويرى مراقبون أن استمرار دفع المليشيا بالمزيد من المقاتلين، معظمهم مجندون قسرياً، يعكس سياسة إدامة الحرب وتعميق الأزمة الإنسانية بدلاً من الانخراط في حلول سياسية، فيما تبقى هذه التحركات مؤشراً على مرحلة مفتوحة من التصعيد قد تجر البلاد إلى جولة جديدة من الحرب الشاملة، وفق تحذيرات المبعوث الأممي هانس غروندبرغ.
– الشرق الاوسط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news